العدد 3178
الثلاثاء 27 يونيو 2017
banner
صندوق “التعطل”... أين الدراسة الإكتوراية؟
الثلاثاء 27 يونيو 2017

تزامن تسليم مشروع الميزانية العامة للدولة (2017-2018) للسلطة التشريعية مع بدء النواب في إطلاق التصريحات وتسجيل المواقف المبدئية والتصورات إزاء المشروع التي تعد خطوة تمريره أهم إنجاز لمجلسي الشورى والنواب في دورته الحالية. 

واحدة من المقترحات التي يتوقع أن تحظى بمتابعة ونقاش اجتماعي ورسمي، هو ما طرحه عضو اللجنة المالية بمجلس النواب محمد الأحمد بشأن وجود توجه لتقديم تعديل قانوني يجيز التصرف بوفورات صندوق التأمين ضد التعطل والتي تقدر بــ550 مليون دينار. 

وقبل أن أدلو بدولي إزاء هذا المقترح الهام، أود أن أسجل احترامي للنائب الأحمد لما يتمتع به من خلق عالٍ وما له من مواقف انحاز خلالها للناس، أبرزها تجسدت أثناء التحركات لرفع الدعم الحكومي عن البنزين واللحوم، وغيرها.  

إن الواقع الذي آل إليه صندوق “التعطل” يعيد إلى الذاكرة القانون الذي صدر العام 2006 وأنشىء بموجبه الحساب التأميني ومنح الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي أمانة إدارة أمواله، وأعطى لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية مسؤولية تحديد المتعطلين المستحقين لمبالغ التعويضات عن الفصل، والإعانات للباحثين الجدد عن عمل. 

فلم ينسَ البحرينيون والمقيمون حتى اللحظة أن القانون قد أقر إلزاماً مؤلماً باستقطاع نسبة 1% من أجورهم ورواتبهم الشهرية  حتى الآن، بعد أن نجحت وزارة العمل آنذاك بفرض رؤيتها بضرورة تمرير المشروع كونه رائداً في المنطقة، ومخففاً على البحرينيين من صعوبات فترة التعطل الحرجة.  وإحقاقاً للحق، فإن المشروع الذي وضع المتعطلين تحت مظلة التأمين كان ولازال مفخرة للبحرين في المحافل الإقليمية والدولية ولكننا هنا نسأل النواب “هل سيجري أخذ رأي الموظفين والعمال ونقاباتهم قبل تحويل الاستقطاعات الشهرية من رواتبهم لتمويل العجز في الميزانية؟ أم أن هذا التعديل الهام سيمر دون قبول شعبي أيضاً.

أمر آخر يحضر إلى الذاكرة مع التوجه البرلماني، هو المحاولات الحثيثة التي قادها نواب أنفسهم في أوقات سابقة لزيادة المبالغ المدفوعة للمتعطلين أو فترات تسلم الإعانة للباحثين عن عمل وكذلك توسيع شرائح المستفيدين من فوائض الصندوق. 

واستذكر أيضاً أن جميع هذه المقترحات برغبة أو بقانون قد انتهت على صخرة الرفض الرسمي تحت مبرر واسع وهو “أن أي تعديل يمس التزامات الصندوق لا يمكن أن يتم دون انجاز دراسة إكتوارية” يجري الحديث عنها منذ العام 2009، ولم يعلن عن الانتهاء منها أو نتائجها لغاية اللحظة.

والسؤال الأهم الآن: هل ستتمسك هيئة التأمين الاجتماعية ووزارة العمل بما سُجل في محاضر وردود رسمية بضرورة إجراء دراسة إكتوارية قبل التصرف بوفورات الصندوق أم ستمرر الرغبة النيابية التي ستلتهم جميع مدخرات “التعطل” تحت مبرر حاجة الميزانية من دون أي دراسة تذكر؟!

وختاماً، سأنبه مؤيدي المقترح بأن النصف مليار دينار المراد أخذها من صندوق التعطل قد تراكمت على امتداد 9 سنوات، وهي بالكاد تكفي لسداد فوائد الدين العام عن سنة واحدة مقبلة فقط (2018)، وبالتالي فإن الاستحواذ على وفورات الصندوق لن يخلق مورداً مالياً متجدداُ للميزانية العامة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية