حقق التقارب بين تركيا وأقطار الخليج العربي مساحة كبيرة لتركيا من الاستثمارات الخليجية، حيث إن العلاقات الاقتصادية نمت كثيرًا بين الجانبين، وارتفعت الاستثمارات الخليجية في تركيا خلال الربع الأول من العام الحالي 2017م بنسبة (414 %) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وصعدت من (107) ملايين إلى (550) مليون دولار. وبسبب حدوث الأزمة الخليجية فإن تركيا تستفيد كثيرًا من الفراغ الذي أحدثته الأزمة في أسواق قطر.

وأحدثت المقاطعة السياسية والاقتصادية الخليجية لدولة قطر الكثير من الفراغ في البيئة الاقتصادية في قطر، خصوصا أن دولة قطر تحتاج إلى الكثير من السلع التي تأتيها عن طريق مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر برًا وجوًا، واستغلت تركيا هذا الفراغ من خلال تأييدها ووقوفها بجانب سياسة حكومة قطر. ولكن، لماذا وقفت تركيا بجانب قطر؟

هذا الموقف السياسي تبرره المصلحة الخاصة والمكاسب التجارية الكبيرة التي ستحققها تركيا لملء الفراغ العربي الاقتصادي في قطر، وإن تعذرت الحكومة التركية بالعمل على التخفيف عن قطر كما تقول؛ إلا أن هذا الموقف ليس موقفًا اقتصاديًا مجانيًا بل مدفوع الثمن، إذ إن تركيا ستقبض المليارات من ثمن ما ستصدره من السلع والمنتجات التركية إلى أسواق قطر، وبجانب هذا الموقف الاقتصادي هناك موقف سياسي آخر وهو تأييد تركيا قطر في استضافتها جماعة “الإخوان”.

تركيا من خلال تدخلها في الأزمة الخليجية تبتغي الدخول إلى منطقة الخليج العربي كقوة إقليمية بجوانبها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وهذا الفعل ليس مشاركة في حل الأزمة وليس حيادًا كما تدعي الحكومة التركية، بل هو تدخل تركي في شؤون الخليج العربي وهو استغلال للأزمة.

إن أية علاقات تركية مع أية دولة كانت خليجية أو عربية أو إقليمية أو أجنبية يجب أن لا تكون على حساب أمن الخليج العربي وأقطاره، ورؤيتها للقضايا العربية والمنظمات والأحزاب كالإخوان وحماس وحزب الله والمنظمات الإرهابية من خليجية وعربية وأجنبية يجب أن لا تندرج ضمن العلاقات التركية مع أقطارنا الخليجية. وقد تدرك القيادة التركية جيدًا ما فعلته الأحزاب الدينية التي استلمت السلطة في مصر وتونس وغزة وما يفعله حزب الله في لبنان، فلتقرأ الدولة التركية تداعيات تلك الدروس جيدًا.