العدد 3188
الجمعة 07 يوليو 2017
banner
القومية والمبادئ والتجارة (2)
الجمعة 07 يوليو 2017

إذا كانت الجماعة (جماعة الإخوان المسلمين) قد ربطت عناصرها من الجانب الاقتصادي كما قلنا ومارست التجارة المستغلة حتى غدا عناصرها من أصحاب الملايين، فإن ذلك لم يكن صدفة أو من أجل الجماعة فقط (مع أن الجماعة كانت عنصرا مهما في ذلك كما قلنا)، إلا أن ذلك تمخض من فهم علاقة الإنسان بالإنسان عند الجماعة في جانب وعند أصحاب الفكر القومي العروبي على الجانب الآخر ناهيك عن التيارات والأفكار الأخرى.

نقطة الانطلاق في ما نتحدث عنه تكمن في العدالة الاجتماعية التي يتحدث عنها الكثيرون (ما عدا أصحاب الفكر الرأسمالي الذين يجاهرون بمناقضتها) ولكن قلة ممن يفهمون جوهرها ويعملون على تحقيقها أو يدعون تحقيقها بصورتها الحقيقية ويمارسونها بصورة مستمرة على ذاتهم على أقل تقدير، وجوهر ذلك المبدأ يكمن في استغلال الإنسان أخاه الإنسان، فما نراه في الواقع أن الجماعة أو الإخوان بعيدون عن تلك العدالة ويمارسون عملية استغلال الإنسان للإنسان حتى لو تحدثوا عكس ذلك، لذلك تمكنوا من ممارسة الأعمال التجارية التي يتخللها كثيرا ذلك الاستغلال وقد يكون أحد مقوماتها خصوصا ضمن نطاق الأنظمة الرأسمالية البعيدة عن العدالة الاجتماعية وهي الأنظمة التي تدعو لها (الجماعة) أو لا تناقضها على أقل تقدير.

على العكس من ذلك نجد الفكر العروبي القومي الذي نفهمه، وهو الفكر الذي يظنه الكثيرون خطأ أو يتعمدون تصويره بأنه مجرد دعوة عنصرية تميز أناسا عن أناس آخرين، مع أنه بعيد كل البعد عن ذلك، هذا الفكر هو أقرب ما يكون من مفهوم العدالة الاجتماعية ونبذ استغلال الإنسان للإنسان سواء في الفكر أو في الممارسة الذاتية من قبل المنتمين إليه.

ربما من الدوافع لتلك المواقف ربط الفكر العروبي القومي بكلمة الاشتراكية كما حدث في الستينات، ومع أن كلمة الاشتراكية عند من يعرفها ويفهم مضمونها ليست سبة أو أمرا معيبا، ولكنهم تعمدوا ربطها بما يناقض الدين الإسلامي أو إقرانها بالشيوعية مع أنهما مبدآن مختلفان كل الاختلاف، ولكنهم لأسباب كثيرة أصروا على ذلك “لحاجة في نفس يعقوب” وهي محاربة كل من يحمل فكر العدالة الاجتماعية والمساواة بهذه الوسيلة التي تباعد بين الناس وبين حاملي هذا الفكر أو المبدأ، ومع ذلك فشلوا في ذلك كل الفشل، ولكنهم نجحوا في السير على النهج الذي اختطوه عن طريق العمل التجاري الاستغلالي الذي كان كما قلنا أحد أهم مقومات البقاء والاستمرار عندهم، وأحد أهم عناصر الربط والانتماء لديهم.

من هنا واحدا من أهم الفوارق بين الفكرين والانتماء لهما، ولماذا نرى الجماعة تستمر بهذا الزخم الآن وذلك إضافة لعوامل أخرى كثيرة... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .