العدد 3189
السبت 08 يوليو 2017
banner
مدرسة جاسم الشيخ صالح
السبت 08 يوليو 2017

رحلوا عن الدنيا، لكنهم أحياء بيننا، باقون بذكراهم الحسنة، والدروس الطيبة التي علمونا إياها... فقدت عائلة الشيخ صالح عمودَها وعميدها، جدي جاسم بن يوسف الشيخ صالح طيب الله ثراه، الذي كسب القلوب ببساطته و”حنيته في التعامل مع الجميع”، وإشعارهم بأهميتهم، ومساندتهم في السر قبل العلن، وإخلاصه في العمل الخيري.

على المستوى الشخصي، كان دعم جدي لي ومازال السر في إنجازي العديد من الأمور بعد الله تعالى، من أهمها التحصيل العلمي، حيث رافقني بنفسه (ثم والدي) في فترة تسجيلي بجامعة الشارقة عام 1999، دون أن أنسى فضل جدتي عايشة بنت صالح ووالدي أحمد بن قاسم وعمي حافظ بن قاسم أطال الله عمرهم، والوالدة رحمها الله.

سيد التواصل الاجتماعي: جاسم الشيخ صالح هو سيدنا وأستاذنا في فنون التواصل مع أسرته وأصدقائه، مع من يعرفه في المجالس التي دأب على زيارتها بلا انقطاع، ومع من لا يعرفه، فكان حين يزور مريضاً في مستشفى يعرج على من حوله، دون سابق معرفة، لا يهم إن كان مسناً أم شاباً أم طفلاً، ولا يهتم بطائفته أو دينه، ملقياً التحية والسؤال ومتضرعاً إلى الله أن يشفيه، وهي عادة جميلة أتمنى أن نتقنها ونورثها إلى أجيالنا.

فنون النصيحة: كان رحمه الله أستاذا في أحد الفنون الإنسانية المهمة، أقصد النصيحة، فكانت نصائحه الفيصل في تحديد مسار حياتي، بنبرة أبوية صادقة، من صميم القلب إلى صميم القلب، لا إكراه ولا لوم ولا ضغط، بل نصيحة مركزة مختصرة تلف وتدور في الوجدان حتى تستقر مطمئنة، مبنيةً على حكمة وخبرة، مشبعةً بالعاطفة والصدق، أثرها أكبر من ألف مجلد. فإذا لم أطبق نصيحته لأي سبب فلم يكن ذلك على الإطلاق يزعجه، لا بكلمة عتاب ولا بإيماءة ضيق، بل يتمنى لك التوفيق في قرارك، ويقف معك. 

مواقف ذات عبر: مواقف جاسم الشيح صالح عصية على الحصر، غير أنني قد أنقل ما لم يتناقله ويكتبه الناس، ومنها أنه ساهم في توظيف أحد الشباب في وظيفة مرموقة تتناسب مع مؤهلاته في جهة خاصة، ومن باب تقديم الشكر فقد توجه الشاب إلى جدي في دكانه “متجر الشيخ” بسوق المنامة حاملاً هدية، وما كان من جدي إلا أن رفض استلامها رفضاً باتاً كي لا يُعتبر سعيه تفضلاً أو منة

وفي رحلة علاج والدتي طيب الله ثراها، لم يهتم جدي بكبَر سنه، فتوجهنا بمعيته إلى مدينة جده في المملكة العربية السعودية بحثاً عن العلاج ومعنا زوجة عمي حسن الشيخ (أم عبدالحميد)، فكان جدي رحمه الله أنشطنا وأكثرنا حضوراً ذهنياً ودعماً لوالدتي، وكان أكثر من بكى عليها حين انتقلت روحها إلى بارئها.

شكراً لك جدي... شكراً لكل من أحب جدي، رحم الله موتانا وموتاكم، وعسى أن يجمعنا بهم في جنات النعيم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية