العدد 3190
الأحد 09 يوليو 2017
banner
وحدتنــــــــا فــــــــي قوتنـــــــا
الأحد 09 يوليو 2017

 

منذ فجر التاريخ والأمم المفتتة تعاني مصيبة التشرذم، الهزيمة أمام نفسها وأمام الآخرين، العجز عند المقدرة، والوهن في حوالك الظروف والمنعرجات، لذلك فطن القادة العقلاء إلى ضرورة توحيد الصفوف، تطهير النفوس، حتى في المعارك الحربية البدائية، وفي المواقع الاحتدامية البسيطة، تتمسك الجيوش بوحدتها، تعتمد التراص والتكاتف وسيلة مثلى للدفاع عن النفس، والتعاون مبدأً مقدساً بين الكتائب والفرق العسكرية المتأهبة، من هذا المنطلق أيقن خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه منذ البداية أهمية الاتحاد، ضرورة الالتئام عند الشدائد، والانسجام بين الفرق والطوائف، والاحتكام للتكامل بين الشقيق والصديق ورفيق الطريق، من هنا نشأت فلسفة سموه الرامية إلى تدعيم روابط الأمة، تقوية أواصرها، وتنقية أجوائها، البيت الخليجي الواحد سيظل واحداً متحداً بإذن الله، والمحافظة على كيانة الثابت القويم رسالة وطنية خالصة “إن وحدته في قوته، وقوته في وحدته”.

إن إشارات الرئيس القائد في مجلس الأحد الماضي كانت واضحة لا لبس فيها ولا تأويل: في الاتحاد قوة يا جماعة الخير، والدعوة إليه منسك ديني وعقيدة وطنية، وسلام قومي، فالأمم المتماسكة ليست كما الفرق المتناحرة، والمناطق المتصلة ليست كما الأقاليم المتناثرة، التكامل حقيقة حية في عالم اليوم، ودستور قويم يصوت عليه من يدرك أن تباين وجهات النظر لا يفسد للود قضية، وأن اختلاف الآراء قد يصبح فألاً حسناً بين الفُرقاء، الأمم المُعصرنة صانت هويتها من مبدأ غير متفق عليه من أساسٍ لا شظايا انفصالية من حوله؛ لذا انتهت الحضارات الحديثة إلى الوحدة بعد الصراع، إلى التلاقي بعد التضاد، ابتكرت وسيلة إعاشة وتعايش فريدة بين المتناقضات، وآليات توافق جديدة لتقريب المسافات.

من هنا أيضاً نستطيع أن نقرأ ونحن في رحاب سمو رئيس الوزراء كيف أن سموه يتابع حركة التقدم في الدول الناهضة، لماذا يعتقد أيدهُ الله أن المآب الأخير، والمكنونٌ الوفي في المواطنة الحقة لمواطن يلتقي مع قادته في السراء والضراء؟ لماذا بلغت الدول الآسيوية الناشئة مُرادها؟ وماذا يحدث بالتحديد في أوروبا بضفتيها الشرقية والغربية، وفي الأمريكتين بشمالها وجنوبها وبين بين؟!

إن الرئيس الوالد يحلم دائماً بوطن تستوطن فيه التكنولوجيا، وتنمو في مراعيه التقنيات والبرمجيات فائقة الجودة، هنا يحثنا سموه كأكاديميين على ربط العلم بالمجتمع، الفنون والدراسات الحديثة باحتياجاته المتسارعة وأوضاعه المؤكدة، تماماً مثلما يدعو إلى استنباط العبر من تجارب الأوليين وخصال الفاتحين، فكان ذلك الاستخلاص العليم منها، منظومة متقدمة تتوافق مع أخلاقنا وقيمنا، مُتكيفة مع نظامنا وتراثنا ومحارمنا.

مجلس الرئيس في نسخته الماضية، شدد على ضرورة التفهم لخصوصيات الآخر، لأهمية تفويت الفرص على الأعداء لحماية وحدة الصف، وصون تماسك الخليج، إنها دعوة سامية للائتلاف عند الاختلاف، للوفاق بعد الافتراق، هكذا يبدو الرئيس دائماً شعلة نورانية  موقدة بالحب والوعي والعطاء، بوصلة رشاد لترسيخ الوعي اليقيني في النُخب وتوجيههم نحو الاندماج والاتحاد والعمل.

إنها رؤية حكيم لمستقبل وطن، ومعبرٌ سليم للأمة جمعاء نحو التآزر والتلاحم وحُسن الفطن.

عندما قامت الثورة الصناعية في أوروبا كان التوقيت ملائماً، فضربة البداية يسندها إصلاح ديني وسيادة قانون وإرساء لقيم الإنسانية والحق والعدالة والمساواة، في المنطقة العربية عموماً وفي منطقة الخليج على وجه الخصوص ارتبط الحدث الديني بالآخر الدنيوي، الخطاب السياسي بالخطاب المعنوي، وأصبح لزاماً علينا إتقان الفرز بين الغث والسمين، فجاء قادة حكماء باستراتيجية حدٍ الأدنى يتفق الجميع على مبادئها وأسُسها، لذلك كان خليفة بن سلمان ولا يزال في مقدمة القادة الداعين إلى السمو فوق الخلافات والارتقاء بمفردات الأمة نحو الوحدة ثم الاتحاد، وبالتالي النأي بها عن كل ما يهدد أمنها واستقرارها، وما يعكر صفوها واصطفافها، إنها رؤية قائد حكيم من أجل وطن يستحق.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .