العدد 3190
الأحد 09 يوليو 2017
banner
360 درجة أيمن همام
أيمن همام
فلنتحصن من “الحيتان الزرق”
الأحد 09 يوليو 2017

في ظل تسارع وتيرة الحياة وما يشهده العالم حاليًا من متغيرات كبيرة، باتت هناك حاجة ماسة لمحاربة خطاب الكراهية، الذي لا يشكل عائقا كبيرا أمام نهضة المجتمعات وتقدمها فحسب، بل يمثل تهديدا خطيرا لأمن واستقرار الدول ويحد بالتالي من نموها الاقتصادي.

بالأمس كان التحدي الأكبر يكمن في مواجهة خطاب الكراهية في دور العبادة، وتبذل الحكومات جهودا كبيرة لمكافحته على هذه الجبهة، وهي جهود مشكورة ومطلوبة، لمنع هذه النوعية من الخطابات المريضة من زرع التعصب والحض على العنف والفوضى.

اليوم لم تعد دور العبادة المنبر الوحيد الذي يمكن أن ينفذ منه خطاب الكراهية، إذ وجد هذا الخطاب الكريه منابر أوسع انتشارا، وهي وسائل التواصل الاجتماعي، التي شكلت منصات للتفاعل بين الخطيب والمتلقي لم توفرها المنابر التقليدية.

عندما بلغت أعداد مستخدمي التواصل الاجتماعي المليارات أصبحت ملاحقة مصدر خطاب الكراهية أشبه بمطاردة الساحرات، فلم يعد يكفي توظيف جيوش من المراقبين لتعقب ورصد كل بوق سام ينفث الفتنة ويروج لثقافة الموت والدمار.

الدول التي فطنت لهذا الأمر سارعت بإصدار تشريعات لتحميل شركات التواصل الاجتماعي مسؤولية محاربة خطاب الكراهية عبر منابرها، ومن بين هذه الدول ألمانيا التي أصدرت أخيرا تشريعًا يفرض على منصات التواصل الاجتماعي غرامة تصل إلى 50 مليون يورو إذا أخفقت في حذف المنشورات التي تحض على الكراهية أو غيرها من المواد المجرمة خلال 24 ساعة.

بالتأكيد مسؤولية التصدي لخطاب الكراهية تقع على عاتق الجميع؛ حكومات ومجتمعا مدنيا وإعلاما، لكن ليس من العدل أن تترك شركات التواصل الاجتماعي تتربح في حين تنفق الحكومات المليارات لإزالة ما تخلفه وراءها من فوضى.

28 % من الشباب ما بين 18 و24 عامًا يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر رئيس للأخبار، بحسب دراسة لمعهد رويترز عن الصحافة الرقمية للعام 2017، وهؤلاء يشكلون الفئة المستهدفة تحديدا بخطاب الكراهية، فإذا كانت لعبة إلكترونية، انتشرت بين المراهقين عبر التواصل الاجتماعي تسمى “الحوت الأزرق” تفرض عليهم تنفيذ تحديات يومية تنتهي بالانتحار، جعلت 130 شابًا في روسيا يقتلون أنفسهم بلا هدف، فماذا عن الشباب الذين يقعون فريسة لعدد لايحصى من “الحيتان الزرق” التي تسبح في العالم الافتراضي لتزرع فيهم الكراهية والتعصب وتعدهم في النهاية بالحور العين؟

فمع الزيادة المخيفة في معدلات جرائم الكراهية على الإنترنت، يجب أن تسن الحكومات تشريعات أسوة بألمانيا، على أن يتم تخصيص المبالغ المحصلة من الغرامات لدعم البرامج التي تدعو إلى التسامح ونبذ العنف والكراهية وتقديم خطاب معتدل وبناء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية