تحليلات عديدة خرجت تعليقا على قرارات وزراء خارجية الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب بعد اجتماعهم بالقاهرة الأسبوع الماضي لتحديد الموقف تجاه دولة قطر، بل حتى التأخير في ظهورهم للإعلام كان أحد عناصر تلك التحليلات التي ادعت أن هناك تراجعا عند الدول المقاطعة أو هناك ضغطا أميركيا على تلك الدول أو عدم وجود مواقف جديدة تستطيع تلك الدول اتخاذها، وبالطبع فإن المحطات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في تركيا وغيرها رفعت رايات النصر بسبب نتائج ذلك الاجتماع.

لم أقرأ في تلك التحليلات أي تحليل يقوم على أن العقلانية هي التي كانت وراء الموقف والتي أراها عنصرا مهما في تحديد الموقف الجديد لوزراء الخارجية، فلا أظن في الحقيقة أن تلك الدول لم تكن تملك تطويرا لموقفها في هذه الأزمة، الخيارات لديها كثيرة ومتنوعة ولكنها جميعا يمكن أن تمس الشعب ذاته أكثر من النظام وتؤثر بالتالي عليه في حياته اليومية، وهذا ما أرى أن دول المقاطعة تريد الابتعاد عنه، على الأقل في الوقت الحالي، من هنا فإن العقل لا فورة الغضب على الرد السلبي القطري الذي نقلته دولة الكويت إلى الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، هو الذي حدد نوعية الموقف الحالي لهذه الدول.

الإعلام الإخواني، والتركي جزء منه، حاول طوال الأيام الماضية ومنذ نشوء الأزمة تشويه الصورة وتصويرها على أنها حصار ضد الشعب القطري الشقيق وليس تقويما لمواقف تراها الدول غير صحيحة وحاولوا إيهام الآخرين بأن ما يجري محاولة لتجويع الشعب العربي هناك، وهذا أم غير صحيح في حقيقته وغير موجود في تصور من أقدم على تلك القرارات، لذلك كان على هذه الدول دحض تلك الأقاويل وتفنيدها عمليا وليس قولا فقط، من هنا وكما أعتقد، كان العقل والتروي الأساس الذي حدد نوعية البيان الذي صدر من اجتماع وزراء الخارجية في القاهرة.

ثم أمر آخر، هو أن هناك قرارات تم اتخاذها من بداية الأزمة ومازالت سارية المفعول والتأثير، وهي لم تنتج نتائجها المطلوبة في الفترة البسيطة الماضية، بالتالي رأى وزراء الخارجية إعطاء تلك القرارات الوقت الكافي للتأثير وتحديد الموقف القطري المطلوب، إضافة لذلك لا يمكن استبعاد موقف ورؤية دولة الكويت الشقيقة التي يجب إعطاؤها الفرصة لتحقيق وساطتها بعيدا عن ضغط قرارات جديدة قد تجعل من الوساطة صعبة التأثير والوصول إلى نتائج مطلوبة.

ما تريده دول الخليج هو تقويم سياسة تراها غير صحيحة لا إتعاب شعب شقيق من المنظومة العربية الخليجية، لذلك كان العقل والتعقل هو ما حدد موقف تلك الدول وليس استعجال النتائج... والله أعلم.