+A
A-

خريف الكرز .. رواية للكاتب البحريني أحمد جمعة

فتنة الكرز

أحمد جمعةفي 454 صفحة من الحجم المتوسط صدرت مؤخراً عن دار الفارابي في بيروت رواية احمد جمعة الجديدة  خريف الكرز.

تنقسم الرواية الى أبواب عدة تتناول قاع المدينة القديمة بالمحرق وانعكاس الأحداث عليها فترة الحرب العالمية الثانية من خلال وضع اجتماعي وسياسي ونفسي مع وجود قوات الجيش البريطاني، تتجسد الوقائع في علاقات محرمة عدة تجرى عبرها الأحداث فترة الاحتلال وخاصة ما وقع منها خلال الحرب وما شهدته تلك المرحلة من وقائع منها علاقة عاطفية وصراع اجتماعي وتداعيات دامية من تلك الحقبة الصعبة.

فيما يجرى على الضفة الأخرى من مدينة الضباب لندن الوجه الآخر من الأحداث المرتبطة بالضفة الأولى، عبر شخصيات متفاوتة، تاجر وطالب ومومس، وضباط وجنود الجيش البريطاني، وشخصيات يجرفها التيار في الاتجاهين.

تغوص الرواية في زمن البحرين منذ الأربعينات من القرن العشرين وبدايته عبر توظيف المونتاج السينمائي في استجلاء الأحداث التي شهدتها البحرين ولندن منذ تلك الحقبة الصعبة وحتى اليوم، من خلال شخوص ورموز عاشت تلك الحقبة.

 

"إن الموت الذي يأتي ممن يلقي بنفسه من ناطحة سحاب، أي موت؟"

ديفيد فوستر والس

"لن نعترف بالحب الذي في قلوبنا حتى لا نغتاله"

أحمد جمعة

 

من الرواية:

حانت ساعة المغادرة، شرفة لندن أوشكت على النفاد، ونوافذها تتهيأ للإقفال، تذكر تقي رحلة الغوض وتلك الشرفة المشرعة على الشهور الأربعة والخمسة إذ تنأى الطيور عن الرحيل من فوق الصواري ويغيب الرجال في الأزمان الموحشة حيث يحرثون البحر لجني الماس من القاع، جواهر وعقود تعلق في أعناق نساء العالم بينما على الحافة تُبْتَر أطراف الغاصة بين فكي أسماك القرش، كانت تلك الشرفة التي قادته لمنزل راشد وجوري تتأرجح مع الريح، ساعة مع جوري وساعة مع راشد، شتات هنا وهناك، ثم فرار من وجه الألم لتسطع النجوم في سماء لندن، وتبدو السماء ذاتها، سماء المنامة وسماء لندن واحدة، جوري وإفيلين امرأتان في قلبٍ واحد. ويستذكر سفيان أنفاس النساء ولهاث الليل الطويل والشروع في الانسلاخ عن الجسد الخاطئ ثم العودة والنفي الاختياري، ماذا تبقى من العائلة في المنامة ولندن؟ عاصمة الرطوبة والغبار والحر الفتاك وعاصمة الضباب والعتمة والكآبة، تنفصل العوالم وتتفتت النجوم لتعود تتشكل في سماء أخرى. تقي وسفيان سماء واحدة وقمر تائه وأرض منفية وسعادة آنية، إنها ذات الرواية التي تشكلت منذ البداية من أرض المحرق ثم ارتحلت للمنافي.

الرواية تقترب من نهاية البداية، شيري، أنجيلا وإيف ودوامة أخرى من الحب والنُزوح والهجر، لكل رواية نهاية وبداية، مثل مقهى السماء تلتف حولها النجوم وتسرح الغيوم وتجتمع الوجوه كأنها خُلِقت الآن وتوشك على الرحيل الآن، حول هذه المقهى يتحلق أبطال الرواية إذ يحاصرهم الوقت الذي يوشك على الانتهاء وتقترب النهايات من بعضها كحال الدنيا وهي تشهد ولادات ووفيات، وجوه تفر وتختفي ووجوه تحتفل بميلادها كما هي الصورة الأوسع.