العدد 3205
الإثنين 24 يوليو 2017
banner
اشتقنا أن نغضب
الإثنين 24 يوليو 2017

ظل الترقب سيد مساء الخميس الماضي، لا أحد يدري ما الذي سيسفر عنه اليوم التالي، أولى الجُمَع بعد العربدة الصهيونية البغيضة بتركيب البوابات الإلكترونية عند مداخل المسجد الأقصى، والمسألة، كما يعرف القاصي والداني، لا تتعلق بالبوابات، التي في ظاهرها الرحمة والأمن، وباطنها من قبلها العذاب وسوء المنقلب، بل ما وراء البوابات من خنق وتضييق وتحكم المحتل، والمحو المبرمج لكل الآثار الإسلامية في المنطقة، والاستيلاء على ما تدّعيه السلطات المحتلة من حق زائف.

صبيحة اليوم التالي، المنافحون عن الشرف العربي يلقون أجسادهم دفاعاً عن المقدّسات، ترتفع أرواح ثلاثة منهم، ويلحق بهم رابعٌ سعيد ليسجّلوا أسماءهم في قافلة متطاولة من الذين لا يسألون أحداً مالاً ولا عطاء ولا مساعدة، ولا يستأذنون في الذبّ عن القدس وكل المقدّسات، لديهم بوصلتهم، ولديهم في دمائهم ما يكفي من درجة الغليان، ولديهم البساطة الأخّاذة في تقديم أنفسهم مقابل ما يحبّون، لا يهمهم من “فتَحَ” ولا يعنيهم من “تحمَّس”، فلديهم ما يكفي من الوعي إن هم تخاذلوا سقط الجدار الأخير لهذه الأمة، والاجتياح من بعده أسراب جراد تأكل ما تبقّى من أخضرنا النادر.

إذ ذاك، لا ترى أثراً على الأرض لما يحدث هناك، الأمر بات وكأنه لا يعني أحداً، كان الانتقاد في الماضي هو أن الاكتفاء بالمسيرات لن يحرر الأٌقصى، ولن يردّ شبراً من فلسطين، وقالوا: “إن ألف قذيفة من كلام لا تساوي قذيفة من حديد”، ولكن لم نرَ حتى المسيرات، ولم ينبرِ شاعر بقذيفة، بل بطلقة حتى من كلام... وخطباء المساجد في الكثير من الدول كأنهم أمروا أن يقولوا أيَّ شيء، عن أيِّ شيء، ما عدا ما يحدث في الأقصى الشريف، وإذا وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة لدينا لا تزال في مباراة ساخنة من يفضح الآخر أكثر، ويزداد عدد المتخرفنين يوماً بعد يوم، ونرى صحفاً كثيرة، في بلاد شتّى فإذا بالخبر الفلسطيني ليس على رأس الصفحة، بل بعضها لم يكن الخبر مدرجاً في صفحتها الأولى بتاتاً.

لا أدري من هو أول من أوهمنا أن من أسباب تحريم أكل الخنزير في الإسلام أنه يورث “الدّياثة”، بحيث يرضى المرء أن يرتكب أهل بيته المعاصي ولا يستنكر، ولا تكون له غيرة أو حميّة، وها نحن ذا لا نأكل الخنزير، ومع ذلك لا تثور لنا ثائرة، ولا تتحرك فينا غيرة ولا حميّة ونحن نرى نساءنا وأهل بيتنا في فلسطين دروعاً بشرية اختيارية وبطيب نفس وخاطر أمام المفرمة الصهيونية، ولا تعبير عن الغضب ترتعش له الأصابع على وسائل التواصل الاجتماعي حتى، لا عجب فالأولويّات في اختلاف وتغيّر عندنا، بينما أولويات المجرمين تشقّ مجاريها بثبات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .