العدد 3205
الإثنين 24 يوليو 2017
banner
إعمار الموصل
الإثنين 24 يوليو 2017

يبدو أن المعركة الجديدة التي تنتظر مدينة الموصل العراقية بعد أن تم الإعلان رسميًا عن تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي ستكون معركة إعادة البناء والإعمار، وهي معركة لن تكون أسهل من سابقتها، بل ربما ستكون أصعب كثيرًا منها وستكون حاسمة في تحديد مستقبل العراق خصوصا بعد أن أعلنت إيران على لسان وزير الصناعة والمناجم والتجارة استعدادها لإعادة إعمار الموصل التي دمرتها الحرب، وتقديم كل ما لديها من خبرات في مجال إنشاء الأحياء الصناعية ووضع هذه الخبرات بتصرف الجانب العراقي.

الموصل الآن مرشحة لأن تكون “المعبر” الذي سينقل إيران من المسرح العسكري المباشر إلى الميدان المدني، وهو أمر أشد خطورة لأنه سيكون بمثابة “المكياج” الذي ستضعه إيران لتجميل وجهها القبيح في العراق، ومحاولة إقناع أبناء الشعب العراقي بقبول دورها في العراق، وتخطي حالة الانقسام إزاء هذا الدور، حيث يرفض الشعب أن يكون مجرد أداة في يد إيران ووسيلة لزيادة نفوذها وتأثيرها في المنطقة.

من هنا، يجب ألا تترك هذه المهمة وهي إعمار الموصل لتنفرد أو حتى لتشارك فيها إيران، بل على الدول العربية أن تبادر وتنهض بهذا الدور حتى لا يتحول تحرير الموصل والقضاء على تنظيم داعش لبنة مهمة في بناء “الهلال الإيراني” في المنطقة الذي يمتد من إيران مرورًا بالعراق وصولاً إلى سوريا ولبنان، وانتهاءً بشواطئ البحر المتوسط، وهو ما حذرت منه دراسة إسرائيلية قبل عدة شهور، حيث شددت الدراسة (منشورة على موقع ويلا الإسرائيلي) على ضرورة ألا يتحول العراق إلى ما وصفته بإقليم فارسي، مشيرة إلى أن إيران لن توقف محاولاتها كي تكون صاحبة القرار في السياسة العراقية، وأن ذلك مرهون بمدى التطورات التي تعيشها الأوساط العراقية، خصوصا في حال انتهاء معركة الموصل، وحينها سوف تتقرر لمن ستكون الكلمة الأخيرة.

فإذا كانت معركة تحرير الموصل قد زادت من تأثير ونفوذ إيران في العراق، فلتكن المعركة الأهم والأصعب هي تحرير هذه المدينة من هذه الدولة أو على الأقل تحجيم دورها وبداية للتواجد العربي في العراق ليكون قادرًا على إعادة صياغة دولته بما يضمن استقرارها ويكفل تعدديتها ويذيب الفرقة بين أبنائها ويمنع أي ظهور لإيران في أرجائها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .