العدد 3213
الثلاثاء 01 أغسطس 2017
banner
القوة الناعمة بين مصر وقطر (1)
الثلاثاء 01 أغسطس 2017

ليس بالأماني وحدها يضمن الشخص أو الدولة النجاح، فما أكثر الأماني وما أسهلها، ولكن العبرة دائمًا في المقومات التي تؤدي لهذا النجاح ومواصلته، فقد يرغب شخص ما في أن يكون نجمًا كرويًا مشهورًا ولاعبًا فذًا، لكن هذا الهدف سيظل بعيد المنال إن لم تتوفر بهذا الشخص المؤهلات المناسبة من الأساس ليتم صقل مهاراته من خلال التدريبات المستمرة والتغذية السليمة والسلوك القويم وغيرها.

وإذا انتقلنا لميدان السياسة والعلاقات الدولية، فإن القوة الناعمة التي باتت من أهم أدوات إدارة هذه العلاقات وإحدى ركائز تحقيق أهداف السياسة الخارجية، فإن الرغبة في تحريك هذه القوة واستثمارها لا تؤدي لهذا النجاح إن لم تكن مقرونة بعوامل أخرى مهمة، إن توفرت نكون إزاء نموذج إيجابي للقوة الناعمة وإلا فنحن إزاء نموذج سلبي لهذه القوة.

ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع خبر قرأته بالصحف المصرية مؤخرًا عن الزيارة التي أجراها جراح القلب ذائع الصيت الدكتور مجدي يعقوب إلى إثيوبيا على رأس طاقم طبي مكون من 27 طبيبا مصريًا أجرى خلالها أكثر من 75 عملية جراحية للقلب للمواطنين الإثيوبيين. حين قرأت هذا الخبر قلت “هذه هي مصر كانت ولا تزال وستظل شامخة مهما واجهت من عثرات، وكبيرة في أسلوب إدارتها حتى خلافاتها مع غيرها من الدول”.

مصر التي تواجه قضية مصيرية تتعلق بأمنها القومي والمائي مع إثيوبيا بسبب أزمة سد النهضة، هاهي تفصل هذه الملفات والأزمات عن واجبها الإنساني طالما كان ذلك في استطاعتها، ولم تتخذ من هذه القضية الإنسانية مدخلاً للمساومة ولم تنظر إليها كفرصة للتشفي.

تقدم مصر نموذجًا ناجحًا للقوة الناعمة التي خلقت لها مكانة راسخة ورصيدًا هائلا ومتنوعا من الثقة والقبول والانتشار لدى الدول العربية وغير العربية، لأن الأمر بني من الأساس على مقومات صحيحة وقوية تمتلكها مصر كالتاريخ والثقافة والفنون والتعليم وغيرها، وتزامن مع ممارسات وأدوار إيجابية لمصر ودعم كل ما فيه خير وصالح الدول والشعوب.

على النقيض من هذا النموذج الناجح، تقدم لنا قطر الوجه الآخر “الفاشل” للقوة الناعمة، ولهذا الفشل أسباب كثيرة ونتائج مهمة نتحدث عنها بالمقال القادم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .