العدد 3226
الإثنين 14 أغسطس 2017
banner
متعب بعروبتي (2)
الإثنين 14 أغسطس 2017

يقال “من طلب العلا سهر الليالي”، فلا مجد ولا ارتفاع إلا بعد تعب، ومن أراد الكسل والراحة فلا مجد له ولا ارتقاء، هذه سنة الحياة وهذا ما تحدث به الواقع والتاريخ، فلكي ننال ما نتمنى ونريد من عز ومجد ليس لنا إلا التعب والعمل المتواصل دون كلل أو تذمر، أما إن أردنا الراحة فليس لنا إلا قبول ما يعطى لنا، لذلك كررنا ما قاله الشاعر نزار قباني منذ عقود من الزمن عن تعبه بعروبته في قصيدة من قصائده الجميلة.

فما الذي يمكن أن يحدث عندما يكون لك أعداء كثيرون يريدون لك التخلف والانكماش، هؤلاء الأعداء سيبحثون عن مكامن القوة لديك ليحاربوك من خلالها بالعمل على إضعافها قدر الإمكان، والعروبة تمثل أحد مكامن القوة لأمتنا العربية، وبدونها تضعف أمتنا وينالها التخلف الذي يريده أعداؤها، لذلك درجوا على محاربتنا من خلالها، وصار للعروبة أعداء في الخارج والداخل تربطهم علاقة المصالح المشتركة المتمثلة في إنهاك العروبة قدر الإمكان، فغدا المتمسك بعروبته من أجل الأمة بكاملها في حالة حرب وعمل متواصل، حرب مع أعداء العروبة وعمل متواصل لتجاوز الصعاب المنثورة في طريق العروبة والوحدة التي تمثلها هذه العروبة، والتي هي أحد أهدافها.

التعب الذي تحدث عنه قباني وكررناه في هذه الزاوية لا يكمن في العروبة ذاتها وليس من داخلها، وإنما يأتي بسبب ما واجهته هذه العروبة من أجل الإنسان العربي ومستقبله ووحدته، فعلى مدى التاريخ الطويل لم يهدأ أعداؤها من الحرب المستمرة ضدها، ولم يكل المنتفعون في الداخل من التقليل من شأنها، ولم يتاونوا جميعهم عن زرع الأشواك في طريق السائرين على دربها ليجعلوا هذا الطريق صعبا، ويوهنوا بذلك عزيمة العروبيين، وما قاله قباني كان وصفا لحال العربي، وليس وصفا لإرادة العربي، وصفا لما يفعله أعداء العروبة، وليس وصفا لما يريد فعله أبناؤها... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية