العدد 3226
الإثنين 14 أغسطس 2017
banner
وداعاً آخر العمالقة
الإثنين 14 أغسطس 2017

موجع هو الموت حين يأتي عدوا على حين غفلة، فيختطف إنسانا بحجم الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا، هكذا بلا إبطاء، لم يشأ أحد أن يصدّق نبأ رحيله لولا أنها الحقيقة المرة، إنه الموت حين يغتال البسمة الكبيرة، نتذّكر قبل سنوات أنّ الراحل الكبير كان يعرض أحد أعماله الفنية هنا في المملكة، حينها وجهت إليه تهمة ظالمة، إذ اتهم بما ليس فيه باعتقاد البعض أنّ سعر بطاقة دخول المسرحية مبالغ فيه، إذ بلغت ثلاثين وأربعين وخمسين دينارا، قالوا إنه يستغل عرض مسرحيته “سوق المناخ” تجاريا! وحينها حصل على أقلّ ما يمكن أن يحصل عليه فنان بحجمه ومكانته.

في اعتقادي الشخصيّ، من لم يشاهد مثل هذا العمل المتميز والرائع فإنه لم يشاهد مسرحا للكوميديا الراقية شكلا ومحتوى، المسرحية كانت بحق نموذجا للفن الراقي والهادف، وبالمناسبة فإنّ موضوعها كان يعالج الأزمة المالية التي عرفت بـ “سوق المناخ”، إنّ النقد الذّي وجه إلى المسرحية – وبالتحديد أسعار عرضها – كان تافها! فالواحد منّا ينفق عشرات الدنانير ليملأ شرّ ما يملأ به الإنسان هذا الإناء الجسمانيّ، فهل يستكثر أن يملأ عقله وروحه بفن جميل وهادف!

إنّ هذا الفنان الكبير وعلى امتداد تاريخه الفني أسعد الآلاف من المشاهدين عبر المئات من أعماله الرائعة والمتميزة، ويبدو لي أنّ الكثيرين من عشاق الفنّ الجميل الذي قدمه على استعداد لدفع الأضعاف نظير عمل فنيّ راق وهادف ذي قيمة ومتعة حقيقية.

لو أنّ بطل “باي باي لندن” و”سوق المناخ” و”فرحة أمة” و”درب الزلق” وعشرات الأعمال الأخرى المتميزة خرج بمليون دينار لا بضعة آلاف من الدنانير لبقينا نحن رابحين، رحم الله الفنان الكبير عبدالحسين، ورغم رحيله المحزن إلاّ أننا نعتقد أنّه من الصعب أن يرحل من كان من طراز أبوعدنان فنا وعطاء، إنهم يتركون أثرا ساطعا لا يمكن نسيانه، ومن المؤكد أننا سنشعر بحجم الفراغ الذي خلفه هذا العملاق الكبير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية