العدد 3229
الخميس 17 أغسطس 2017
banner
مناجم ذهب أم بقالات يا سعادة الوزير؟
الخميس 17 أغسطس 2017

لا أدري لماذا قفز إلى ذهني أن البحرين أصبحت فجأة في مصاف الدول الأعلى أجرا في العالم، ونحن نتداول خبرا مفاده عزم وزارة الصناعة والتجارة رفع الرسوم السنوية على أصحاب السجلات التجارية في سبتمبر المقبل بمعدل يندى له الجبين وعلى نحو أقل ما يوصف بالعشوائي.

إذا كنت الوزارة نفسها تدرك حالة “البير وغطاه” في وضع السوق المتردية أصلا، وهي تفرض تلك الرسوم القاسية فهي مصيبة، وإن كانت لا تدري، فالمصيبة أعظم!

هل نحتاج أن نستجمع ما نسمعه من هنا وهناك عن شركات تجارية أجبرها تدهور الأوضاع المالية على تسريح موظفيها تارة، وإغلاق أبوابها تارة أخرى؛ لكي تشعر الوزارة بأنها تعبث بالنار، وهي تضرم اللهب في حطب المؤسسات والشركات المتآكل أصلا عبر الإمعان في فرض رسوم ما أنزل الله بها من سلطان؟!

وبحسبة سريعة، قصدتُ أحد المخابز الشعبية “التنور” التي تريد الوزارة أن تفرض عليها رسوما جديدة مقدارها 300 دينار سنويا، وسألت العامل عن مقدار دخل المحل اليومي، فأجابني مترددا أنها تصل في أحسن الأحوال إلى 20 دينارا، أي بمعدل متوسط شهري يصل إلى 600 دينار، وهو ما يعني أن الوزارة تريد اقتسام مدخول شهر كامل من هذا العامل المسكين وزملائه وعلى رأسهم صاحب السجل بحريني الجنسية بطريقة تنم الكثير عن ازدراء الجهد المبذول واستلاب مال ليس لهم حق فيه.

ولعل الوزارة أغفلت أن رفع الرسوم من جهة يقابله رد فعل طبيعي من أصحاب الحلال برفع أسعار منتجاتهم وخدماتهم، وهو أمر قد حذر منه العديد من التجار ورجال الأعمال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما ينذر بجرنا مكرهين - نحن البسطاء - إلى حرب مفتوحة وشعواء على صعيد رفع الأسعار من قبل التجار الذين يريدون أن ينفذوا بجلودهم من عجلات دهس الرسوم الجديدة القاسية عبر فرض رسوم وأسعار عكسية “انتقامية” سيكون المتضرر منها في المقام الأول هو المستهلك.

قليلا من الرحمة، فمعظم هذه السجلات والأنشطة التجارية بقالات ومخابز شعبية، وليست مناجم ذهب يا سعادة الوزير!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .