العدد 3229
الخميس 17 أغسطس 2017
banner
عندما يورد الاقتصاد كما “ورد سعد ابل أخيه”
الخميس 17 أغسطس 2017

لا يصلح اقتصاد ولا تنشط أسواق ولا تفيض ميزانية بأموال ضرائب ورسوم، فإذا كسد الاقتصاد فمن أين يأتي التجار بالمكاسب، وإذا قصمت ظهور المواطنين بالرسوم فمن أين يأتي المواطن بالمال ليشتري البضائع، أو حتى يشتري المواد المعيشية الضرورية، فهل خطرت هذه الاعتبارات على بال المسؤولين في وزارة التجارة والصناعة قبل أن يتنافسوا على فرض الضرائب؟ ولنفرض أنه تم جباية هذه الضرائب رغم أنف التجار والمواطنين ولم يصلح اقتصاد ولم تتعاف ميزانية فهل سيكون الحل أيضاً مضاعفة الضرائب؟ والسؤال هنا إلى متى؟ إلى متى مضاعفة الضرائب والرسوم؟ فهل هي تجربة تم تقليدها من بلاد الصين أو الهند؟ أو لنقرب المسافة فهل هي تجربة دولة الإمارات التي أصبحت وجهة اقتصادية عالمية، والوجهة الأولى لأي تاجر ومواطن خليجي، سواء للسياحة أو للتجارة؟.

“ما هكذا تورد الابل” يا وزارة التجارة وهيئة سوق العمل، فالضرائب والرسوم هي الطارد الأول للاستثمار، وقاصم ظهر الاقتصاد، وها هي الدول الاقتصادية الكبرى، لا زالت تتنافس في تقديم التسهيلات لتشجيع الاستثمار المحلي وجذب الاستثمار الخارجي، وذلك عندما تنفذ القرارات بعقلية اقتصادية، لا عقلية ارتجالية تحلم بأفكار طارئة، ثم تأتي صباحا لتجعل منها واقعا يحمل وزره التاجر والمواطن، الذي لا يدري أين يذهب ليضرب برأسه أمام معضلة مالية تهدد بإفلاسه، عندما تنتظره في الجانب الآخر عقوبات قاسية لا ترحم. ان تدهور الحالة الاقتصادية للتاجر والمواطن، سيكون ضررها أكبر من عجز الميزانية، وذلك عندما تصل الحالة إلى مرحلة تذمر، وحالة يأس نتيجته إغلاق المؤسسات وتسريح العمال، الذين ستقدم لهم هيئة سوق العمل (البطاقة الزرقاء)، ثم تطلق يدهم في سوق العمل، ويكونوا بدائل للمواطن البحريني، تطلق يدهم ليدمروا ما تبقى من اقتصاد، وذلك عندما تصبح تحويلاتهم لدولهم مئات الملايين، وهذا بالفعل ما يحصل الآن، وذلك عندما تركت وزارة التجارة وهيئة سوق العمل مهمتها الأساسية في دعم الاقتصاد الوطني بتقديم التسهيلات للمستثمرين وأولها تخفيف الضرائب أو إلغائها، ولكنها اختارت البديل السهل لرفع إيراداتها بفرض الضرائب، والمقابل إفقار ليس المواطن بل الوطن بأسره.

فرض الضرائب لا يحتاج عقولا داهية، بل كل ما يحتاجه مسؤول يأتي بقرارات غير مدروسة، مستغلا سلطته وقدرته على الإقناع، في ظل عدم الالتفات إلى أصوات التاجر والمواطن والوغول في الاستفراد بالقرار من قبل مسؤولي هذه المؤسسات الذين يحاولون توفير موارد سخية لتغطية عجز الميزانية، ولكن مع الأسف لن يصلح بهذه الضرائب والرسوم شيئا، بعد أن يدمر الاقتصاد، وتصبح البحرين دولة طاردة للاستثمار ليس للأجنبي بل قبله البحريني، الذي بدوره سيبحث عن وجهة أخرى والتي ستستقبله دون شك بالورد وتغطيه بالياسمين، وذلك بعد أن يورد الاقتصاد كما “ورد سعد ابل أخيه”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .