+A
A-

الإدارية تُلزم غاصِب لأرض "موقوفة" لمدة 16 عامًا بإعادتها للمدعي

قالت المحامية مها جابر إن المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) حكمت بطرد مواطن من عقار (أرض) موقوفة لأعمال الخير تقع بمنطقة أم الحصم، والتي كان قد وضع يده عليها دون وجه حق لقرابة ١٦ عامًا، وأمرت بإلزامه بمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة.

وأوضحت جابر -وكيلة المدعي- إن وقائع الدعوى تتلخص في أنه بغضون العام 2008 تم تعيين موكلها بموجب حكم من محكمة الاستئناف العليا الشرعية السنية ناظرًا على ثلث أرض موقوفة لأعمال الخير، وبمجرد أن تم تعيينه ناظرًا على ذلك الوقف تبين له أن المدعى عليه يضع يده على الأرض كلها بدون سند قانوني، فلجأ إلى محكمة الأمور المستعجلة بدعوى طرد المدعى عليه من الأرض للغصب.

وحكمت محكمة الأمور المستعجلة في تلك الدعوى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى؛ وذلك لحيازة المدعى عليه بصورة ضوئية من عقد ضمان لتلك الأرض ساري المفعول من الناظر السابق على الوقف.

وأضافت أنه وعلى إثر ذلك فقد تقدم موكلها بشكوى جنائية للنيابة العامة بشأن تزوير ذلك العقد، وعلى إثر التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة فقد أحالت القضية إلى المحكمة الصغرى الجنائية التي نظرتها وقضت فيها بالبراءة؛ وذلك تأسيسًا على عدم وجود المحرر المزور.

ولأن النيابة العامة لم تقبل بذلك الحكم فقد طعنت عليه بالاستئناف، إلا أن المحكمة الكبرى الجنائية (بصفتها الاستئنافية) قضت برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.

وأشارت المحامية إلى أن هذا التأييد دفع موكلها -الناظر المدعي- إلى رفع دعوى مدنية موضوعية أمام المحكمة الكبرى المدنية، والتي طلب في ختامها بإلزام المدعى عليه بتقديم أصل عقد الإيجار، والذي يدعي أنه سنده في وضع يده على العقار، وفي الموضوع بطلب طرده من الأرض للغصب.

وخلال نظر الدعوى من قبل المحكمة الإدارية قررت المحكمة ندب خبير؛ والذي باشر مأموريته وأودع تقريره منتهيًا إلى نتيجة جاءت في صالح المدعي.

وبعد أن أودع الخبير تقريره لدى المحكمة، قضت المحكمة في حكم ابتدائي قبل الفصل في الموضوع بإلزام المدعى عليه بتقديم أصل عقدي الإيجار المطعون عليهما، وحددت لإيداعهما  أجلاً لم يحضر فيه المدعى عليه بالرغم من إعلانه قانونًا بذلك، عقب ذلك حكمت المحكمة بحكم نهائي ضد المدعى عليه بأن يرد الأرض موضوع الدعوى للمدعي وببطلان تلك العقود، وبطرده من الأرض للغصب؛ وذلك بعد أن استبان للمحكمة عدم وجود سند قانوني يخوّل المدعى عليه البقاء في الأرض، وأفادت المحكمة في حيثيات حكمها بأن الحكم الجنائي الذي صدر ببراءة المدعى عليه لا يقيد المحكمة المدنية، سيّما وأن ذلك الحكم الجنائي وإن كان قد قضى ببراءة المدعى عليه لعدم ثبوت أنه القائم بعملية تزوير المحررات، إلا أن رد وبطلان تلك المحررات لا يستلزم بالضرورة أن يكون المدعى عليه هو القائم بالتزوير بحسبان أنه يكفي الطعن على صحة المحررات ذاتها ومدى صدوره عن من وقعها بصرف النظر عن شخص القائم بالتزوير.

وأضافت أن هذا الحكم قد سبقه ثلاثة أحكام قبل الفصل في الموضوع، كان أولها حكم بندب خبير، والحكم الثاني هو حكم بالزام المدعى عليها بتقديم أصل العقود المطعون عليها والتي يزعم المدعى عليه أنها سنده في وضع يده على الأرض ولا يزال يردد أنها بحوزته، والحكم الثالث حكم برد وبطلان تلك العقود وهو ما يفقدها حجيتها وقوتها القانونية، وكان الحكم الرابع النهائي الذي قضى بطرد المدعى عليه للغصب قد أتى مرسيًا للعديد من المبادئ القانونية الهامة، حيث يعد هذا الحكم ترسيخًا للقاعدة الدستورية المقررة أن الملكية الخاصة مصونة ولا تمس ولا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون ولا يجوز التعدي عليها وترسيخ لقواعد وأحكام الشريعة الاسلامية أنه ليس لأحد أن يغتصب مال غيره ويستولي عليه بدون سبب مشروع.

وأرسى الحكم المذكور حسب ما أفادت به المحامية مها جابر مبدأً قانونيًا هامًا، ألا وهو عدم جواز القضاء بصحة المحرر أو رده وبطلانه وفي موضوع الدعوى بحكم واحد، وهو ما دعا المحكمة إلى القضاء أولاً برد وبطلان المحررات المطعون عليها، ثم حددت جلسة للتناضل -أي كل خصم يدافع عن نفسه بما يمتلكه من مستندات تثبت حقه- في موضوع الدعوى، ومن المبادئ الهامة الأخرى التي أرساها الحكم هو أنه إذا كان الغاصب قد وضع يده على عقار مبني كان لزامًا عليه أن يرده إلى صاحبه دون تغيير أو نقص، فإذا هدم البناء التزم برد الأرض والتعويض، وإذا بنى عليها التزم بإزالة البناء الذي أقامه دون اي اعتبار لقيمته، وكذلك رسّخ الحكم المذكور لضوابط وشروط حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية.