العدد 3240
الإثنين 28 أغسطس 2017
banner
رفقًا بالمعلمين
الإثنين 28 أغسطس 2017

رغم الطفرات الهائلة في ميدان التربية والتعليم على الأصعدة التقنية كافة وتلك المتعلقة بالأساليب التربوية، فانّ ثمة هواجس تشغل بال العاملين في الميدان التربوي. فقد اعتاد البعض أن يعلق الأخطاء على عاتق المعلم. هذا الإنسان أصبحنا نرمي عليه كل الأخطاء والشرور والعاهات. والأشد إيلاما على النفس أنّ هذه التهم ليست وليدة اليوم، بل إن عمرها يمتد إلى سنوات طويلة مضت. ألا يستحق منا هذا الإنسان أن نرفع عنه الظلم أو على أقل التقدير أن يكون النظرة له منصفة بعد أن شوهنا سمعته وحملناه نتائج كل هزائمنا الأخلاقية والتعليمية؟

إنّ السؤال الذي لابدّ من الوقوف أمامه بتجرد وموضوعية، لماذا يبحث الآخرون عن ضحية يفرغون فيها كل عقدهم وفشلهم؟ المفارقة أنّ معاشر المعلمين لدينا لا يطالبون بتحسين ظروفهم المادية أسوة بالآخرين، بل إنّ مناشداتهم تنحصر في رفع الظلم الواقع عليهم لا من طلبتهم وحدهم فقط الذين اعتادوا إهانتهم والحط من كرامتهم، بل من المجتمع ذاته بنظرة أكثر واقعية وإنصافا؛ اعترافا بالجميل لمن أفنوا زهرة شبابهم في تعليم الأجيال، وتعبيرا عن قيم الوفاء لهم.

يبدو لنا أنّ وزارة التربية والتعليم تتحمل النصيب الأكبر فيما لحق بالمعلمين من ظلم بتحويله إلى مشجب نعلق عليه جميع العاهات والأمراض ابتداء من انحرافات الأبناء الأخلاقية، وليس انتهاء بتخلفهم الدراسي. لو كانت هناك بالفعل الرغبة الجادة والحقيقية في إعادة هيبة المعلمين لما أطلقنا العنان لفئة من الطلبة ممن استمرأت توجيه الإهانات لمعلميهم، والمؤسف أنها لا تقف عند الإساءة للمربين بالكلمات البذيئة فحسب، بل تمادى البعض منهم إلى التطاول عليهم جسديا.

إزاء مثل هذه السلوكيات المسهجنة التي فاقت كل تصور، هل بقيت للمعلم وللتعليم من قداسة؟ أليس جديرا بوزارة التربية أن تعيد لهذا الإنسان مكانته التي فقدها بفرض العقوبات الرادعة بحق كل من يتطاول على المعلم؟ الإدارات المدرسية أسهمت بالحط من قدر المعلم وإذلاله بتخليها التام عن مساندته والوقوف إلى جانبه، وبما تمارسه من تسلط وحرمان من ممارسة حقه في التأديب والتربية.   

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية