العدد 3241
الثلاثاء 29 أغسطس 2017
banner
صديقي “المدريدي” حسين بردستاني.. وداعًا
الثلاثاء 29 أغسطس 2017

قبل سنوات، تعرفتُ الشاب الجميل حسين بردستاني الذي خطفه الموت في ريعان عمره قبل أيام قليلة. في بادئ الأمر جمعتنا أحاديث كروية عن ريال مدريد وهولندا والبرازيل، وغيرها من المنتخبات والأندية العالمية، وسرعان ما تطورت الأحاديث إلى صداقة متينة امتدت لأكثر من 15 سنة.

لكن صديقي “المدريدي” المبتسم رحل من هذه الدنيا بوجه شاحب. أصابه “مرض عضال”، فخسر بعد صراع مرير ومعاناة طويلة أهم المباريات في حياته، إلا أنها مشيئة الله، فلا اعتراض على القضاء والقدر، وإنما يتسلل إلى داخلي الحزن على فراق شخصية تنتمي للطائفة العابرة للقارات المتمثلة في عشق كرة القدم.

أتذكر الآن بعض التفاصيل التي تميز علاقتي بهذا الشاب الرائع. لا أصدق أنه ووري الثرى، وأصبح من غير الممكن أن أهاتفه أو أن ألتقيه؛ لنشاهد مباراة ريال مدريد الذي يعشقه حتى النخاع، ولا يمكنني أن أتصور عدم سماع تعليقاته الغاضبة على خسارة منتخب هولندا في إحدى المواجهات.

لكنني أتذكر مقولة مفادها ألا تنظر للخلف بحزن، وإنما ترقب المستقبل بتفاؤل، وأتساءل بعدم إدراك مُفتعل هل رحل حسين أم إنني أعيش كابوسا من كوابيس الزمن الغابر؟

الأكيد أنها تراجيديا مؤلمة، يرحل الطيبون، فيما يعيث الأشرار فسادا في أروحنا، لنصبح من ثقل الحزن كالصخرة الجاثمة!

عزائي الوحيد أن يستنهض الحزن الصلابة في داخلنا، وكما يقال إن خردة الحديد تصنع فأسا، لعلها تقطع أغلال اليأس المتغلغل في القلب من فراق الأحبة، فقضاء الله لا ندرك حكمته حتى تحين الساعة، وحينها فقط ستكون أفئدتنا مستريحة من عذاب السؤال وإنكار الحقيقة.

وبعيدا عن هذا وذاك أنا واثق أنه لا يرحل طيب عن وجه الأرض أبدا، وإنما يبقى قنديلا مشعا بذكراه العطرة وروحه النقية، وصديقي الذاهب إلى رحمة الله كان على هذه الشاكلة، ولا أظنني أشاهد مباراة لريال مدريد بعد اليوم دون أن يحضر إلى ذهني حسين البردستاني، فأترحم عليه وأقرأ على روحه الطاهرة سورة الفاتحة. تماما كما سيفعل الكثير ممن عرفوه وارتبطو به أكثر مني.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية