العدد 3248
الثلاثاء 05 سبتمبر 2017
banner
“الأجيال القادمة”... إلى أين؟
الثلاثاء 05 سبتمبر 2017

كعادته السنوية، حل عيد الأضحى ضيفاً على منازلنا لـ 3 أيام، ليرفع مستويات الفرح والبهجة لدى أطفالنا. أتأمل في الوجوه... طفل سعيد بـ 500 فلس منحت له، وآخر رُسمت على وجهه الابتسامة لحصوله على دينار.

أصغر الأطفال لا يزال غير مدركٍ لقيمة ما بين يديه، بينما ينصب اهتمام أكثرهم بما ستحمله لهم الفلوس الممنوحة من فرصة جديدة لزيارة أقرب دكان وشراء الحلوى.

براءة أطفالنا وفرحتهم بـ حفنة نقود أعادت إلى ذهني سؤالاً لطالما أشغلني: هل أسسنا لأطفالنا اليوم ما يمكنهم من بناء مستقبل أفضل غداً؟!... وتذكرت عزم السلطة التنفيذية سحب مبلغ 200 مليون دولار من صندوق احتياطي الأجيال القادمة لأغراض تمويل الدين العام أو ميزانية الدولة.

ولكون القانون يقيد التصرف بأموال الصندوق الذي يعد آلية الادخار الوحيدة للدولة، فقد تسلم مجلس النواب في 2 يوليو الماضي مشروعاً قانونياً لتعديل قانون احتياطي الأجيال والسماح بسحب 100 مليون دولار منه في 2017، و100 مليون دولار أخرى في 2018.

ويجمد القانون المقترح عملية الاستقطاع لصالح الصندوق والتي تجري الآن بواقع دولار واحد من كل برميل نفط خام يصدر للخارج، ويزيد سعره على 40 دولاراً، إذ يفترض أن يمتد التجميد لغاية نهاية العام المقبل أي أن صندوق الأجيال المقبلة، لن يخسر مدخراته فقط، بل وسيفقد مورده ومصدره الوحيد للحصول على المال بشكل مؤقت أيضاً.

وما لا يعلمه نواب ومتابعون للشأن العام أيضاً أن الـ 200 مليون دولار المراد سحبها تشكل قرابة ثلث أصول الصندوق وموارده 32 % المقدرة بـ615 مليون دولار والتي شُكلت/ جُمعت على امتداد 10 سنوات منذ تأسيسه.

لو نظرنا إلى تجارب الدول الشقيقة كالكويت مثلا، لوجدنا أن خيارات التوفير وبناء الاحتياطيات لم تقتصر يوماً على صندوق واحد أو تلخص العملية في الاستقطاع من أسعار براميل النفط، بل تخطت هذه النقطة بمراحل، وأنشأت صندوقا احتياطيا عاما وآخر لـ الأجيال القادمة.

ولم تقف عند هذا الحد فقط، بل عمدت لتأسيس هيئة مستقلة لتتولى إدارة الاستثمارات الخاصة بالصندوق، ومنحت صندوق الأجيال القادمة الكويتي 10 % من كل إيرادات الدولة من رسوم وضرائب وأرباح الشركات الحكومية ليكون سنداً بوقت الشدائد.

والسؤال الأهم هو... ماذا أبقينا لأطفال اليوم ولأجيال قادمة من البحرينيين؟!!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .