+A
A-

"كريات القدم" أقوى من "كريات الدم"

تستلقى أكبر قارات العالم على السرير الابيض مُتأثرة بـ "وعكة سياسة"، تفاقمت حدتها مع إقدام كوريا الشمالية على تجربة قنبلة هيدروجينية في باطن الأرض، غير أن الحالة المزاجية للقارة الصفراء سرعان ما تبدلت للأفضل بعد حصولها على "جرعة معنوية" حملتها نتائج التصفيات التأهيلية لنهائيات كأس العالم في روسيا 2018.

ويكشف التشخيص الطبي لقارة آسيا عن وجود "ارتفاع درجة الحرارة" في منطقة الخليج العربي، و"قرحة" في بلاد الشام، و"صداع نصفي" في شبه الجزيرة الكورية، وهي أمراض ألقت بظلالها السلبية على ملايين البشر ممن تتعرض بلدانها لأزمات صحية على مستوى الأمن والاستقرار.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه الجسد العليل مضادا حيويا يعيد الى كرياته البيضاء قدرتها على مزاولة نشاطها الطبيعي في تبديد المخاطر والأمراض، تبدو الصورة قاتمة في منطقة الخليج، فالخلاف بلغ اشده بين السعودية وايران حول ملفات متعددة في المنطقة برغم مزاعم عن انفراجة في علاقات البلدين تنفيها الاحداث على الأرض اكثر مما تؤكدها التسريبات الإعلامية، إلا أن سوء الأحوال السياسية هذه لم تمنع الناس في كلا البلدين من الأحتفال بالتأهل إلى مونديال روسيا وغض الطرف ولو مؤقتا عن هموم السياسة.

وفي كوريا الجنوبية التي تشكو صداع نصفي مزمن، ضاعفه هوس الزعيم الكوري الشمالي بالتسلح النووي وتجربته الهيدروجينية الأخيرة التي تسببت بهزة ارضية استشعرتها جارتها اليابان، ورغم الاحتقان الحاصل ابى الكوريين الجنوبيين إلا أن يحتفلوا وإن على مضض بالحصول على تذكرة السفر إلى موسكو بمرافقة الجارة اليابانية المصابة بالفوبيا من الحديث المتكرر عن القنابل النووية.

أما بلاد الشام، فتبقى الآمال عالقة تحت الحطام، وكأن السوريين مقدرا لهم الإنتظار في الرياضة كما في السياسة، حيث ستبقى الفرحة محبوسة لغاية حسم "نسور قاسيون" بطاقة التأهل للمونديال ولكن بعد اجتياز مغامرة محفوفة بالمخاطر أمام "الكنغر الاسترالي" المتحفز للقفز مع الكبار.

في المحصلة، جاء استشفاء القارة المريضة من الملاعب الخضراء وليس من الملاعب السوداء، وعلى ما يبدو أن "كريات القدم" الرياضية أثبت مجددا أنها اقوى من "كريات الدم" السياسية، حيث أفرزت نتائج التصفيات المؤهلة لكأس العالم لقاح حيوي معنوي في شرايين أعضاء رئيسية في قارة آسيا وصعود اربعة منتخبات تنشغل بلدانها بهموم وتحديات مصيرية، ومن يدري ربما يلتحق بهم البلد الخامس وهو الذي يعيش أكبر المآسي دميوية في العصر الحديث.