العدد 3253
الأحد 10 سبتمبر 2017
banner
مَن الخاسر والمُستفيد الأكبر من نقل قافلة داعش؟ (2)
الأحد 10 سبتمبر 2017

السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه: ما الهدف من نقل آلة الإرهاب من لبنان إلى العراق؟ إن القافلة الإرهابية التي نقلها تجّار الحروب وسماسرة المعارك كانت بإدارة إيرانية مباشرة، ولم تكن وليدة المصادفة، فلا مكان للصدف في سياسات إيران ووكلائها، خصوصا أنها تخوض حربها من خلال جيوش غير إيرانية وميليشيات الحشد الشعبي العراقي وحزب الله اللبناني والميليشيات السورية المستحدثة، ولهذا الحدث هدفان، كلاهما استكمال للآخر.

الهدف الأول يكمن بالدرجة الأولى في محاربة إقليم كوردستان ومعارضة ورفض مشروع استقلاله الذي يجري على قدم وساق، هنا يجب أن نتذكّر أن الموقف الإيراني ليس حباً في وحدة العراق وتداعيات تفكّكها، وإنما الخوف من إثارة الأكراد في إيران وزعزعة استقرارها الداخلي، وما يترتّب من مطالبتهم بشيء مماثل، فهي ترى أن قيام دولة كردية بالقرب منها يهدّد أمنها واستقرارها، خصوصا أنها تعمل منذ سقوط نظام صدام حسين على الاستيلاء على العراق ككل دون خروج مناطق منه عن طوعها، وكذلك فإن هذه الدولة إن ظهرت ستحدّ من التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية وستبرز في دور العاجز الضعيف عن لعب دور الحامي في المنطقة وتوجيه أحداثها بما يخدم مصالحها، إيران ستعمل جاهدة على هذا الهدف.  فيما الهدف الثاني يكمن في مدى رغبتها العارمة في التسلّل إلى المحافظات السنية العراقية التي دفع أهلها دماء للتخلّص من داعش وانتهاكاتها، لتعود مجدّداً بإدارة قاسم سليماني وسط المراكز الحسّاسة ببغداد الذي يمسك الكثير من خيوط المشهد السياسي في العراق ويعمل على توجيهها بما يحقق مصالح إيران الرامية إلى إحياء وإعادة الامبراطورية الفارسية.

اختصاراً لكل هذا الكلام، إن المسرحية التي مثلها كل من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني ونوري المالكي ونظام الأسد من جهة، وداعش من جهة أخرى انتهت بإبرام صفقة سياسية ناجحة فيما بينهم، حصلوا بموجبها على إعادة الأمن والاستقرار وعلى طريقتهم، وكسب تأييد شعبي وإقليمي ضد ما يسمى بحسب مزاعمهم الجماعات الإرهابية المسلّحة، إذ انتهت المعارك التي قيل إن الجيش اللبناني خاضها ضد التنظيم داخل جرود عرسال اللبنانية وبقرب القلمون السورية بانتصار الجيش وانهزام التنظيم ولكن لماذا يحصل المهزوم على امتياز التفاوض، والاتفاق؟ ولم هذا المهزوم هو مَن يكتب شروط هزيمته، وليس العكس؟!.

المؤكد أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على مزيد من التحوّلات المفاجئة والصراعات الجديدة... “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية