العدد 3253
الأحد 10 سبتمبر 2017
banner
360 درجة أيمن همام
أيمن همام
وتستمر اللعبة...
الأحد 10 سبتمبر 2017

عندما تكون جميع الخيارات المطروحة أمام الشعب السوري سيئة فإنه من الطبيعي سيقبل بأقلها سوءًا، لكن يبدو أن رفاهية الاختيار حذفت من القائمة الحزينة التي يقدمها “العالم الحر” لأشقائنا في سوريا، الذين لم يعد في وسعهم سوى التفرج من بعيد على مباراة شطرنج كونية يخوضها اللاعبون الدوليون الكبار.

النقطة الملتهبة انتقلت مؤقتًا من سوريا إلى كوريا، حيث يبتز شطرها الشمالي العالم بتجارب هيدروجينية وصواريخ باليستية، وفيما يلوّح الغرب بورقة العقوبات الاقتصادية، يعلم الجميع أن هذا التهديد لن يكبح فتى كوريا الجامح، فلا تشديد للعقوبات سينقص من مائدته العامرة صنفًا ولا تخفيفها سيملأ بطون شعبه الخاوية خبزًا، والحال سيبقى على ما هو عليه في بلاد “الزوتشيه”.

تحليلات كثيرة خلصت إلى أن كيم جونغ-أون أراد بتجاربه الخطيرة إحراج الصين وحثها على أن تحصل له على صفقة جيدة مع واشنطن في إطار المفاوضات السياسية والاقتصادية بين القوتين العظميين، لكن المنطق يقول إن داعمي “الوريث العظيم” الوحيدين؛ روسيا والصين، يستخدمان تكتيك كوريا الشمالية لكسب الأفضلية في مباراة لا يمكن فيها تنفيذ حركة إماتة، فاللاعبون الكبار لا ينتظرون أن يذبح شاههم بل يبادرون بالاستسلام عندما يتأكدون من حتمية موته.

روسيا لا تريد أن تستسلم في سوريا ولا الصين ستتخلى عن حليفتها كوريا الشمالية، والولايات المتحدة لن تسمح لشبه دولة يبلغ عدد سكانها 22 مليون محروم من كل مباهج الحياة بتهديد وجودها، ولا يبدو أن ترامب مستعد لتفعيل سياسة دفتر الشيكات ليشتري الأمان من بيونغ يانغ كما فعل أوباما مع طهران، وعليه يعود اللاعبون مرة أخرى إلى المربع الأول من منطقة المناورات، حيث باتت التضحية بسوريا خطوة متوقعة.

لكي تستمر اللعبة علينا أن نتوقع مزيدًا من التضحيات بالبيادق والفرسان والقطع من كل الأشكال والأوزان، ولا ضير من أن يسقط معها عشرات أو مئات الآلاف من أبناء الشعب السوري المغلوب على أمره، أو غيره من الشعوب المنكوبة، فهذه اللعبة البالغة في التعقيد والمتطرفة في القسوة لا ترحم ومن يمارسها لا يردعه رجاء الأمهات الثكالى ولا بكاء الأطفال اليتامى.

وفي مقابل إجبار كيم جونغ-أون على التخلي عن طموحه “الأبوكاليبسي” مؤقتًا، فلنتوقع حصول بكين على عرض أميركي أفضل في إطار مفاوضات موسعة حول العديد من القضايا العالقة بين البلدين، وتأمين موسكو لمكتسباتها في طرطوس واللاذقية. وإذا كان لنا نحن العرب أي دور في هذه اللعبة، فيجب أن تكون خطوتنا موحدة صوب منح الشعب السوري حق تقرير مصيره.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية