العدد 3255
الثلاثاء 12 سبتمبر 2017
banner
الجالية الآسيوية... والحقوق السياسية
الثلاثاء 12 سبتمبر 2017

قبل أيام، وفي مملكة بوتان “الآسيوية”، خاضت مملكة البحرين ودول الخليج جولة جديدة في “معركة” الحفاظ على هويتها وعروبتها، لم يلحظها معظم البحرينيين الذين كانوا مشغولين بموسم العيد واستعدادات العودة للمدارس.

موقع “المعركة” هو أروقة اجتماعات الجمعية البرلمانية الآسيوية في “بوتان”، حيث كانت مجموعة من الدول تضغط لإقرار تشريع/ اتفاقية تلزم جميع دول القارة بمنح العاملين الأجانب المقيمين صفة “مهاجرين” وتغيير التوصيف القانوني الآني الذي يعتبرهم “عمالة وافدة” أو “عمالة متعاقدة”.

المسؤولون والمشرعون في دول الخليج يدركون تماما أن صفات “لاجئ” أو “مهاجر” باتت مفردات دولية تفرض وضعًا قانونيًا وحقوقيًا ملزمًا على الدول المضيفة.

وليس اعتماد تصنيف “مهاجر” مثلاً سوى خطوة قانونية تمهد لإعطاء العمال الأجانب حقوقًا سياسية تصل إلى التمثيل الانتخابي، وكذلك “التوطين” أو “التجنيس” في نهاية المطاف.

نجحت دول الخليج في إجهاض المحاولة بعد حشد التأييد لها والتلويح بسن تشريعات تحد من سنوات تواجد الوافدين على أراضينا، وجرى فعليًا تعديل التشريع وإزالة المفردة غير المرغوبة.

غير أن المتابع لهذا الملف يدرك جيدًا أن ما جرى في “بوتان” لا يشكل المحاولة الأولى لمنح العمال الأجانب حقوقًا مدنية وسياسية، ولن تكون المحاولة الأخيرة بكل تأكيد.

فمطالبة دول الخليج باعتبار “الضيوف” الأجانب “مهاجرين” تمتد إلى العام 2006، وتحديدًا في مؤتمر العمل الدولي بجنيف الذي شهد مداخلة لوزير العمل الإماراتي، أكد فيها أن “طبيعة العمالة التي تستقبلها وتستضيفها دول الخليج، هي عمالة مؤقتة وليست مهاجرة”.

الوزير الذي ترأست دولته دورة وزراء العمل بمجلس التعاون آنذاك، شدد على أن “هذه العمالة لا تترك دولها بغرض الهجرة والاستقرار في دولنا، إنما تأتي بعقود عمل مؤقتة لأداء مهام وأعمال محددة، ومن ثم تعود بعد انتهائها إلى أوطانها”.

ذات المطالبات عادت بصورة أكثر صراحة ووضوحًا في العام 2008 عندما طالب وفد هندي يحضر فعاليات “حوار المنامة” بمنح حقوق سياسية لأبناء شعبه المقيمين بيننا.

المحاولات في هذا الاتجاه لن تتوقف مستقبلاً، وستتجدد مرة أخرى من قبل الدول المصدرة للعمالة، غير أن الجديد المقلق هو تبدل الرؤية والمناخ العام في الدول المستقبلة للعمال “دول الخليج تحديدًا”.

فبعد أن كنا نسمع تصريحات المسؤولين المحذرة من خطر تغيير التركيبة السكانية في المنطقة، وضرورة ضمان هيمنة المواطن على جميع القطاعات الاقتصادية، خفتت هذه الأصوات وباتت مقتصرة على الأكاديميين والباحثين فقط.

بحرينياً، تشير آخر الإحصاءات لوجود قرابة 180 ألف عامل أجنبي بالكاد يكتبون ويقرأون، أي شبه أميين، ولا يحملون أي مؤهل دراسي، فيما “نحن مطالبون بمنحهم حقوقا سياسية تمهيدًا للمواطنة”.

وتظهر البيانات أيضًا أن نمو العمالة الأجنبية في القطاع الخاص بلغ 11 % في العام 2016، فيما لم يصل نمو القوى العاملة الوطنية حتى لنسبة الـ 1 %.

فإلى متى تستطيع دولنا مقاومة الضغوط الآسيوية والدولية لمنح ضيوفنا “حقوقًا” أمام هذا الإسراف المتنامي في اعتماد الاقتصاد على العمالة زهيدة الأجور ومحدودة المهارات؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .