العدد 3260
الأحد 17 سبتمبر 2017
banner
عقدة الإنسان الأحمر
الأحد 17 سبتمبر 2017

عقدة بعض العرب أنهم مازالوا منذ عهد الاستعمار وحتى اليوم، مأخوذين بالرجل الأحمر الأجنبي، بل مرتمين في حضنه حتى لو كان سباكاً أو زبالاً مع كل التقدير والاحترام لهذه المهن القديرة، لكن المغزى هو أن الإنسان العربي للأسف حتى لو بلغ السماء ونجح وصعد القمة يبقى بجانب الأجنبي في القاع، وهذه للأسف ليست عقدة بعض المواطنين البسطاء أو بعض المسؤولين، وإنما تصل حتى لمستوى بعض الحكام الذين بمجرد أن يروا الأجنبي تصطك أسنانهم، علماً أن هذا الأجنبي قد يكون هو ذاته لا شيء.

من أين جاءت هذه العقدة وكيف استوطنت وإلى متى ستظل عالقة في عالمنا العربي رغم انتهاء مراحل الاستعمار، ورغم نجاح وتوفق الإنسان العربي في الكثير من المجالات، من إعلام وثقافة وصحافة وتكنولوجيا، لكن للأسف،  دول المنطقة خصوصا، مازالت تنظر للأجنبي، حتى لو كان من جنسية عربية، بأنه أفضل من ابن المنطقة والعربي ينظر للأميركي والفرنسي بأنه أهم من العربي حتى لو كان بمستوى فاروق الباز وهذه نظرة متخلفة سببها عقدة النقص التي لازمت الإنسان العربي منذ أن رأى في الأجنبي سيداً يحكمه، طبعاً لا ينطبق ذلك على الجميع، فهناك من يرى بوضوح الفرق ويقدر مكانة كل إنسان سواء كان محلياً أو أجنبياً بصرف النظر عن هذه العقدة وبالتالي يتعامل مع الواقع على أساس أن بعض أبناء الوطن يفوقون الكثير من الخبرات الأجنبية التي نظن أنها فريدة من نوعها فقط لكون صاحبها أحمر البشرة وهذا هو النقص بذاته.

إن جذور هذه المسألة تعود لعدم ثقة المواطن أو المسؤول في أبناء وطنه مهما كانوا من الكفاءة، وللأسف نرى اليوم في عواصم دولنا الخليجية كلها ومنذ سنوات بعيدة اعتماداً قوياً على أصحاب البشرة الحمراء والصفراء بل في بعض العواصم الخليجية استفردت بعض الخبرات العربية رغم أن الكثير من أبناء دول المجلس يفوقونها كفاءة، ورغم ذلك تبدو الأفضلية في المواقع لهؤلاء العرب، وليس هذا الطرح من نظرة دونية أو عرقية أو طائفية أبداً ولكن من منطلق الكفاءة فقط، فإذا كان ابن الخليج أكثر كفاءة من ابن الشرق أو الغرب فلماذا تفضيل الخارج على الداخل، فالمسألة عدم ثقة في الكفاءات الوطنية، وللأسف مرة أخرى أذكر بأن هذه العقدة منتشرة في دول مجلس التعاون أكثر من غيرها، وحان الوقت في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة أمنياً واقتصادياً لتصويب هذا الخلل الكبير الذي شرخ بنية العمل والأداء والكفاءة لمجرد أن عقدة النقص فيما يتعلق بالأجنبي هي التي مازلات سائدة في هذه العواصم المتطورة.

 

تنويرة:

لا تعمل صياداً مادمت تخشى البحر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .