+A
A-

رسائل مُرعبة من مانشستر سيتي لكبار البريميرليج

اكتسح مانشستر سيتي مضيفه واتفورد بسداسية مُذلة مع الرأفة في اللقاء الذي جرى على ملعب "فيكارج روود" ضمن منافسات الجولة الخامسة للدوري الإنجليزي الممتاز، ليقفز السيتي إلى الصدارة بوصوله للنقطة الـ14 بفارق ثلاث نقاط عن جاره في المدينة "مانشستر يونايتد"، الذي سيستضيف إيفرتون في ختام الجولة مساء غد الأحد.

هذا بالفعل ما أراد جوارديولا ورجاله إيصاله للخمس الكبار الآخرين، اليوم قدم المان سيتي وجبة كروية دسمة، ووضح ذلك من خلال التفاهم الكبير بين كل اللاعبين بدون استثناء، وإصرارهم على اللعب بشكل إيجابي منذ الثانية الأولى ووقت إطلاق الحكم صافرة النهاية، يكفي أن الشوط الأول انتهى بثلاثية نظيفة، مع ذلك لعب السيتي بجوع أكثر في الشوط الثاني، لإضافة المزيد من الأهداف، كذلك المدرب ظل واقفًا على الخطوط في أغلب الأوقات، وكأنه يخوض مباراة مُعلقة أو متأخر في النتيجة، وهذا في حد ذاته يعكس التغيير الجذري وفارق الطموح والرغبة بين الفريق ككل هذا الموسم والموسم الماضي.

عندما بدأ جابريل جسيوس يأخذ فرصته مع الفريق مطلع الشتاء الماضي، على حساب سيرجيو أجويرو، ظن البعض أن الأخير سيُغادر ملعب "الاتحاد" هذا الصيف، لصعوبة تقبله فكرة الجلوس على مقاعد البدلاء حتى لا يخسر مكانه في تشكيلة منتخب بلاده الذي يُنافس على تذكرة السفر إلى موسكو 2018، وهذا بسبب إستراتيجية بيب، باعتماده على مهاجم وحيد وخلفه ثلاثة صناع لعب بلغة المحللين المصريين "معلمين"، أولهم دافيد سيلفا وثانيهم كيفن دي بروينه، والثالث حسب احتياج المباراة إما لستيرليج أو ليروي ساني، لكن المدرب الكتلوني فاجأ الجميع منذ بداية هذا الموسم، بإيجاد مساحة في الملعب تستوعب الثنائي اللاتيني.

وأصاب جوارديولا الهدف بتعديل أفكاره، حين ثّبت أجويرو وجيسوس في الهجوم، بوجود واحد في مركز رقم (9)، والآخر (9.5)، والرائع أن كليهما يؤدي الدورين على أكمل وجه، وتبادلهما مراكزهما عشرات المرات في المباراة الواحدة، مع دعم غير محدود من دافيد سيلفا، الذي وصل بالفعل لقمة النضج الكروي، بمستوى يُعيد إلى الأذهان مستواه الذي كان عليه في بدايته مع السيتي، قبل أن يتجاوز الثلاثين من عمره.

عندما تُشاهد سيلفا ينثر إبداعاته بالقميص السماوي، تشعر أن كل كرة تخرج من قدميه بالقرب من منطقة جزاء الخصم، كأنه رصاصة أو مُخدر يُصيب المدافعين "بالشلل" التام، ونفس الدور يقوم به الأشقر الخبيث "كين دي بروينه"، الذي يلعب دورًا هامًا في المنظومة الهجومية، بتحركاته بدون كرة، وتبديل مركزه مع ستيرلينج وسيلفا في "غمضة عين"، مع دقة غير عادية في عمل الجملة التكتيكية بالاستلام والتسلم في المساحات القصيرة سواء داخل منطقة الجزاء أو على الحدود، بالكاد نتحدث عن رباعي فتاك بكل ما تحمله الكلمة من معنى، متمثل في "جيسوس، أجويرو، سيلفا ودي بروينه".

أضف إلى ذلك أن رحيم ستيرلينج بدأ يشعر بالغيرة "الصحية"، بإظهار نضوج ملحوظ، يتجلى في مشاهد اتخاذ الوقت المناسب لعمل الحل الفردي، بالانطلاق مُعتمدًا على سرعته، في الموسم الماضي، كانت عندما تصل إليه الكرة، يكون هدفه الأول هو الانطلاق وكأنه يُمارس لعبة فردية، أما الآن، نُلاحظ تعاونه مع كل زملائه، لم يَعد يُفكر في الركض فقط من أجل الركض ليُظهر أن الله وهبه ميزة السرعة، بل يُحاول مجاراة سيلفا ودي بروينه، ليُثبت أحقيته في اللعب في التشكيلة الأساسية على حساب منافسه الأول الشرس ليروي ساني، علمًا بأن الأخير لا يقل جودة عن رحيم، وبالتأكيد سيكون له دور أكبر في قادم المواعيد، لأن بيب يبدو أنه عازم على تطبيق مبدأ المداورة مُبكرًا، بدليل أنه أشرك جوندوجان وبرناردو سيلفا في منتصف الشوط الثاني على حساب اثنين من أفضل لاعبي المباراة جيسوس ودي بروينة، وفي آخر 12 دقيقة أعطى الفرصة للفنان الألماني الشاب ليقوم بدور سيلفا.

السمة الأبرز في السيتي تكمن في المرونة وتغيير طريقة اللعب أكثر من مرة في المباراة الواحدة، في بداية الموسم بدأ جوارديولا بتطبيق الطريقة الموضة "3-5-2" ومشتقاتها، مع ذلك فشل في الحفاظ على شباكه نظيفة، ليُعدل أفكاره من جديد إلى 4-1-3-2"، بوضع فرناندينيو كلاعب وسط متأخر، يقوم بعمل التغطية على بنجامين ميندي أو ووكر في حالة تقدم أحدهما إلى الأمام للقيام بأدواره الهجومية، وبوجه عام، يُمكن القول بأن فارق الجودة بين الظهيرين الحاليين والسابقين واضحة بشدة، خصوصًا في الارتداد السريع، بحكم صغر سن ووكر وميندي، عكس سانيا، كليشيه، زاباليتا وكولاروف، جميعهم تخطوا حاجز الـ30، ولغة الأرقام لا تكذب، وبمجرد أن حصل الوافدين الجُدد على فرصة للتفاهم، نجح الفريق في تدمير شباك الخصوم 15 مرة في آخر 3 مباريات في ظرف 7 أيام، ولم يستقبل ولو هدف يتيم، هذا يُخلص الحالة التي يمر بها الفريق في الوقت الحالي، ويُمكن اعتبار ما يُقدمه السيتي على أرض الملعب في الوقت الحالي، أشبه بالرسالة المُرعبة لبقية الفرق المنافسة على اللقب.