العدد 3270
الأربعاء 27 سبتمبر 2017
banner
يا من تسألون عن تأخر الأمة
الأربعاء 27 سبتمبر 2017

يا من تسألون عن تأخر الأمة، إليكم الإجابة، الأمم تتقدم بالعلم، وتصنع لنفسها مستقبلا وتخلد نفسها في التاريخ بما تقدمه النخب من عطاء في هذه الدولة أو تلك، فقديما مثلا، اتخذت النخبة المصرية قرارا بتطوير وسائل الري والاستفادة من مياه نهر النيل واختراع الزراعة، فكانت الحضارة المصرية القديمة وبنيت الممالك القديمة والحديثة.

وفي عصور أخرى وأماكن أخرى من هذا العالم قادت نخب أخرى البلدان، وصنعت حضارات وامبراطوريات طال لها الزمن، وفي العصر الذي نحن فيه تجد النخبة الأميركية غير مكتفية بمجرد صنع امبراطورية كبيرة ولكنها تسعى إلى جعل هذه الامبراطورية تدوم إلى الأبد ولا يجري عليها ما جرى على غيرها من اضمحلال وزوال.

خلاصة القول أن النخب هي التي تقود الأمم وتصنع حاضرها ومستقبلها وقد تؤدي إلى دمارها وتضييعها إذا كانت فاسدة، قد يبدو هذا الكلام بلا مناسبة لمن يقرأه، خصوصا أننا نعيش في وقت صعب والدنيا تغلي حولنا والعالم يتربص من كل زاوية، ولكن لكم أن تلتمسوا لي العذر عندما تعرفون السبب الذي دفعني لكتابة هذه المقدمة.

السبب هو أن سيدة عربية تحمل درجة الدكتوراه توصلت مؤخرا إلى فتح كبير من فتوحات العلم الحديث وأرادت أن تخدم مصر أو ربما تخدم المسلمين جميعا فتوكلت على الله وأصدرت فتوى جديدة، وهي أن معاشرة البشر الحيوانات جنسيا أمر جائز شرعا! وبالطبع طارت هذه الفتوى فملأت الدنيا كلها، ليس فقط من خلال وسائل الفضيحة التي تسمى وسائل التواصل الاجتماعي ولكن من خلال قنوات تافهة المحتوى أفردت لهذه السيدة الوقت لكي تقدم فتواها العظيمة بالتفصيل لجماهير الأمة، وكان الهدف الأساسي لهذه القنوات تحقيق الإثارة دونما أي احترام لمشاعر وعقول البشر، وكأن كل المشكلات التي يواجهها العرب قد انتهت، وكأن الإرهاب الذي يقض مضاجع الناس ويستنزف إمكانيات الدول قد اندحر تماما واستقرت الأحوال هنا وهناك؟

ما الذي يدفع امرأة تحمل أرفع الدرجات العلمية إلى إصدار هذه الفتوى التي لا تقدم أية منفعة للناس، بل تشغل العقول بأمور تافهة؟ ألم تعرف هذه الدكتورة أنها تتحدث أمام وسائل إعلام، وأن ما تقوله ستسمعه الدنيا كلها، أم أنها لا تبالي بذلك وأن هناك منفعة من نوع ما ستعود عليها وبالتالي لا أهمية لما يقال وما ينتج عن فتواها الغريبة؟ الخلاصة النهائية هل نخب بهذا الفكر يمكن أن تؤدي إلى تقدم الأمة؟!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .