العدد 3271
الخميس 28 سبتمبر 2017
banner
“سوقي على مهلك سوقي”
الخميس 28 سبتمبر 2017

ولمّا كنت أنوي استكمال ما بدأته الخميس الماضي عن إضاعة الأوقات، وتمطيطها وتحنيطها؛ فقدت أعددت العدّة مساء الثلاثاء، وبدأت أستعدّ للكتابة بعد أن استعنت بالله، وإذا بالقرار السعودي الصادر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بالسماح للمرأة بقيادة السيارة بدأ يطنّ طنين النحل في قفيره، وصار تداوله واسعاً، فأخرج “السوشاليّون” سريعاً سريعاً كل ما لديهم عن قيادة المرأة للسيارة من تسجيلات وصور ونكت (ويقولون إننا شعب غير باحث، ففي لحظات جرى البحث وجاءت النتيجة).

مسألة قيادة المرأة السعودية السيارة، لكثرة ما طرحت ولاكتها الألسن، صارت من “الكلاشيهات” التي تقترن بالأوضاع إذا ما ورد الحديث عن المرأة هناك، وصارت القيادة هذه مقياساً يشار إليه سواء للتطوّر، أو ما تشاء من عناوين ويافطات، حتى يظنّ الظّانُّ أنه لم يبق بين التطور من عدمه سوى قيادة المرأة السعودية السيارة.

ومع أن المرأة في الكثير من مناطق المملكة العربية السعودية، خصوصاً النائية منها، تقود السيارات، بل قالت فيها الأشعار أيضاً، وبعضهن شبّه حرارة قلبها لبُعد الحبيب كحرارة محرّك الشيفروليه عندما يتعب من صعود الرمال، فـ “معركة” قيادة المرأة السعودية السيارة مرّت بالكثير من المحطات، التي وصل بعضها إلى الافتعال، والمواجهات، كما حدث في 1991 بعد حرب تحرير الكويت، عندما نزل عشرات الآلاف من الجنود الأجانب في أراضي شبه الجزيرة العربية استعداداً للمعركة، ويحدث أن تقود مجنَّدة المركبة العسكرية ويجلس في الخلف الجنود مفتولو العضلات، هذه المسيرة التي تحوّلت إلى شبه معركة ما بين التيارات المختلفة في السعودية، ما بين الليبراليين والمحافظين في الأساس، وإذ كانت التفاسير الدينية تطل برأسها ويستقوي بها الفريق المحافظ، إلا أن الجانب الاجتماعي كان هو الأكثر حضوراً في هذه التجاذبات.

بصرف النظر عن ما سيترتب عليه القرار في الفترة المقبلة، كيف سيكون الأمر مع نزول أول امرأة رسمياً لتقود السيارة في الشوارع من دون اختباء وسريّة هذه المرّة، وما المحددات التي ستلحق بالقرار، إلا أنني أعتقد أن المملكة العربية السعودية نجحت في هذا الملف المهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية