انتهت عملية الاستفتاء في المناطق الكردية في العراق، وبانت النتيجة التي كانت معروفة سابقا، والخطوة القادمة هي إعلان الدولة الكردية المستقلة شمال العراق حين تتهيأ لها الظروف المناسبة وتستطيع العيش بمعزل عن مساعدة الآخرين، ثم ستأتي الخطوة الأخرى بعد ذلك المتمثلة في هبة المناطق الكردية الأخرى في إيران وتركيا وسوريا من أجل قيام الدولة الكردية الكبرى على أساس قومي لا ديني، والتي تضم ما لا يقل عن أربعين مليون نسمة، كل ذلك حدث أو سيحدث بدعم من الكيان الصهيوني الراعي الرسمي للحركة الانفصالية في المنطقة والمستفيد الأكبر منها.

ليس ذلك مكمن الخطر في ما يحدث فقط، ولكن ما سيتبعه مستقبلا اقتداء به في المنطقة العربية بالذات وما حولها، حيث ستتم إعادة تشكيل المنطقة برمتها على أسس عرقية طائفية دينية، وهو الهدف الأسمى لأعداء الأمة، ففي المشرق العربي نجد خليطا دينيا طائفيا عرقيا تتشكل منه دول المنطقة ما بين مسلم ومسيحي أو سني وشيعي، أو كردي وعربي وفارسي، ناهيك عن الأعراق الأخرى التي أتت مؤخرا، ما الذي يمكن أن يحدث لو تحركت تلك الأعراق والطوائف في المناطق العربية التي تشكل فيها نوعا من الغالبية النسبية؟ هل سيؤدي ذلك إلى تفتيت الدول الصغيرة من الأساس إلى دويلات أصغر؟ خصوصا ونحن نرى الطموحات الفارسية في المنطقة التي لها امتداد عرقي في الخليج العربي.

ثم المغرب العربي الذي يضم هو الآخر أعراقا مختلفة تتركز ربما في جنوبه كالزنوج والبربر وغيرهم، وشاهدنا منذ سنوات قليلة انفصال جنوب السودان، فهل سيؤدي كل ذلك إلى تقليص مساحة وطننا العربي في سنوات معدودة ناهيك عن تقليص موارده الطبيعية.

كل ذلك يجري أمام أعيننا وأعين القائمين على الأمر في الوطن الكبير دون أية حركة مادية عملية تنهي هذا التوجه من أساسه، يجري ذلك والمنطقة يعمها النوم العميق والبعد عن العمل الحقيقي، ولكن لماذا؟.