العدد 3287
السبت 14 أكتوبر 2017
banner
من الإثنية إلى القبلية
السبت 14 أكتوبر 2017

كان انفصال جنوب السودان عن شماله بداية العام 2011 انفصالا قائما على الإثنية، وغذته آنذاك عوامل أخرى كالتمييز والحرمان، ثم أتى اليوم ما نراه في شمال العراق في “كردستان” التي صوت من عليها للانفصال عن الوطن العراقي، فهذا التصويت والرغبة الانفصالية تقوم كما يعرف الجميع على العرقية هي الأخرى، فالكرد يريدون أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم وليس بعرق آخر وهو العرق العربي، وقلنا في السابق إن الحل يكمن في الدولة الوطنية القائمة على العدل والمساواة وانعدام التمييز لوأد هذه الحركات.

هذه الحركات تحمل في طيها خطورة على الكثير من الدول وفي جميع أنحاء العالم، فنراها في أوروبا كالكتالونيين شمال إسبانيا، فهي وسيلة للتفتيت ثم بعدها التمايز الطبقي أو الفروق الطبقية الموجودة والتي ستزداد وتتسع مستقبلا، ولكن هذه الخطورة تزداد أكثر حين تحل القبيلة محل القومية أو الدولة، حيث إن الذي يحدث حاليا هو تعزيز القبلية والانتماء القبلي في الكثير من الدول على حساب الدولة والأمة، ومكمن خطورتها أنها لا تحمل سمة الدولة في ثناياها ولكنها تحمل التمييز والعنصرية أكثر من العناصر أو الصفات الأخرى، مما يعني أننا في الطريق إلى إعادة تشكيل الأقطار لو تعزز الشعور القبلي بدل الشعور القومي والوطني.

لو كان هذا الشعور كامنا بداخل المنتمين، يعزز الوحدة بينهم والتآخي والتعاون المتبادل، لما تحدثنا عن الخطورة التي لن تتواجد حينها، ولكن حين يستبدل ذلك بشعور الأفضلية ورفض الآخر أو رفض الخضوع له فإننا نكون في بداية طريق يقودنا إلى الخلف وليس إلى الأمام، ونسير في طريق مليء بالعنف والتناحر الذي ساد في العصر القديم، تعزيز هذا الشعور لن يكون عامل بناء وطني بل طريق هدم وطني... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية