العدد 3293
الجمعة 20 أكتوبر 2017
banner
ورطة الإقليم وعودة واشنطن لبحر الثروات (2)
الجمعة 20 أكتوبر 2017

أكراد العراق أكثر طموحا من أكراد تركيا وإيران وسوريا، كما هم الطرف الكردي الوحيد الذي لم يفهم طبيعة التوازنات والمواقف الدولية ونقاط الالتقاء بين الدول الإقليمية بشأنهم، كونهم ضحايا شهية مفرطة في الانفصال من دون قراءة الواقع بدقة ومن دون الرجوع لحقائق التاريخ المعاصر عندما تخلت الولايات المتحدة الأميركية عنهم في 1975، بتوقيع العراق وإيران اتفاقية 1975 تركت أميركا الكرد في العراء فوق سفح الجبل، ومن الواضح أن السيد البارزاني وقع ضحية تأثيرات وضغوط مقربين منه بشعور عاطفي، حتى أن أسباب التصدع في البيت الكردي اليوم ينسبها أغلبية الكرد إلى تعنت البارزاني بفرض الاستفتاء متحديا الإرادة الدولية، وذهب إلى أن من لا يصوت عليه فإنه خائن، وهذه القضية ولدت شعورا لدى بقية أكراد العراق بأن رئيس الإقليم أجبرهم على السير خلف مشروعه الذي توقع الكثير منهم بأنه سيؤدي إلى خسارتهم كركوك الغنية بالنفط والمدن الأخرى التي سيطرت عليها البيشمركة عقب هزيمة الجيش العراقي في زمن حكومة نوري المالكي 2014، ويعطي مبررا للحكومة العراقية لأن تعيد بسط هيمنتها على المؤسسات الحكومية بكركوك والمدن الأخرى.

وبطبيعة الحال، كثيرون راهنوا على أن البارزاني قد يستند على دعم قوى خارجية منها الولايات المتحدة في فرض الاستفتاء على بغداد، وهذا سيسهل على الإقليم إعلان دولة مستقلة تنتزع من العراق أراض غنية بالثروات، رغم إعلانها رفض الاستفتاء جهارا، فالإقليم يعول على مواقف أميركية خفية، وهي رؤية تبدو قريبة من الواقع، ولكن لمن يدقق من المراقبين والمتابعين في الحال بعد دخول القوات العراقية كركوك فجر يوم الاثنين 16 تشرين الأول سيتوصل إلى نتيجة هي أن الأزمة انحرفت باتجاه رأي آخر يعيدنا إلى عام 1975، والحال يتكرر حاليا، وأيضا لابد من قراءة متأنية لأسباب هذا التخلي، فإنه على أكثر احتمال أن الولايات المتحدة وضعت خطة استراتيجية تهدف من ورائها لقطف ثمار الخلاف بين بغداد والإقليم وكذلك الخلاف الكردي – الكردي، ما سيحقق لها فرصة العودة للعراق واحتضان الحوض النفطي والغازي بكركوك ذات الموقع الاستراتيجي، وواضح أن الأميركيين سيعودون حتما للعراق بثقل عسكري واقتصادي وسياسي أكثر من ذي قبل ولا أستبعد أن تسبق ذلك أزمة عنف ودماء بين بغداد والإقليم من جماعة البارزاني تحديدا، وكذلك بين الأحزاب الكردية نفسها، ما يجعل جميع المتنازعين ينادون أميركا للتدخل وترديد أغنية “هلا بيك هلا وبجيتك هلا”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .