+A
A-

عودة سلسلة أمسيات ذاكرة الأغنية الإماراتية إلى قلعة الجاهلي بالعين

ضمن فعاليات برنامج الأنشطة الثقافية والفنية في منطقة العين لموسم 2017/2018، الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي. تعود إلى قلعة الجاهلي بمنطقة العين، سلسلة أمسيات "ذاكرة الأغنية الإماراتية" في نسختها الثانية.

تقام أولى سلسلة الأمسيات في يوم 20 أكتوبر الجاري، للاحتفاء بتراث الأغنية الشعبية والأهازيج التراثية، التي سيقدمها نخبة من العازفين الإماراتيين الشباب من بينهم فاطمة زهرة العين، عبر إحياء ألحان شعبية تعود إلى فترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي يرافقها غناء الأشعار الإماراتية الأصيلة.

وتقدم سلسلة أمسيات "ذاكرة الأغنية الإماراتية"، الأغاني والألحان القديمة التي يعود تاريخها إلى عقد الأربعينيات من القرن الماضي، والتي تم تصميمها بوحي مجموعة من الأنشطة التجارية والمجتمعية التقليدية، مثل "الخطفة" أو "النهمة" المرتبطة بصيد السمك واللؤلؤ، وكذلك أهازيج خاصة بالمجتمع الصحراوي مثل "الونّة" و"التغرودة"، وكذلك فن "العيالة" الذي غالباً ما يقام في الأعراس والمناسبات العامة. وكان عقد الأربعينيات، قد شهد صعود العديد من الأصوات الإماراتية المميزة، التي ساهمت في إثراء المكتبة الثقافية الفنية الإماراتية بمجموعة كبيرة من الأغاني، التي لا تزال تحظى بمكانة خاصة وتأثير ممتد حتى هذا اليوم.

وما زالت الأغنية الشعبية الفلكلورية والأشعار القديمة تحظى بقيمة خاصة لدى المجتمع الإماراتي، حيث تلعب دوراً اجتماعياً وثقافياً في تكوين الذاكرة الجمعية لأجيال متعاقبة. وغالباً ما ينظم أشعار تلك الأغاني والأناشيد شعراء من أبرز قادة الدولة أو شعراء شعبيين لهم وزنهم ومكانتهم في مجتمع الشعراء على مستوى منطقة الخليج، والذين لعبت أبياتهم الشعرية دوراً تنويرياً وتثقيفياً، يعكس ما يتحلون به من حكمة وخبرة واسعة في كثير من الأمور المرتبطة بالنهضة التعليمية المعاصرة والرخاء الاقتصادي والاجتماعي. وتستند الأغاني الإماراتية التقليدية إلى عناصر ثلاث رئيسية هي القصيدة واللحن والصوت.

القصيدة: إن المطرب الشعبي الإماراتي وفيٌّ جداً لشعراء بلاده من القدامى والمعاصرين، بحيث كان يفتش عن القصائد في زمن لم يكن الكتاب منتشراً بشكل واسع ولا وسائل الإعلام بالشكل التي نعرفها اليوم، ولا وسائل التواصل الاجتماعي كمواقع البحث والمعلومات. كما أنّ القصيدة المغناة لم تكن كلمات أغنية بالمعنى الصناعي المتعارف عليه اليوم، وإنما هي قصيدة مستقلة وذات أبعاد ثقافية ومكانية وفنية عميقة، وعندما يتغنى بها المطرب فإنه يضيف للذائقة بعداً ثقافياً بعيداً عن الاستهلاك والسطحية.

اللحن: استفاد المطرب الشعبي الإماراتي كثيراً من نبرة رواد البحر من جهة، وأولئك البدو السائرين في الصحراء وهم يؤدون ونّاتهم، حيث ذلك النغم البيئي المتفرد الذي أخذه المطربون الأوائل وطوروه وفق رؤية متقدمة بالقياس إلى الماضي البعيد، دون أن ينسوا أساسيات النغمة التراثية الأصيلة.

الصوت: يمتلك المطرب الشعبي الإماراتي حنجرة دافئة، هي ابنة بيئته الجغرافية في النطق والمخارج وطبيعة النغمة، الأمر الذي شكل نبرة غنائية متميزة في المحيط الجغرافي. كل تلك العوامل كانت تضاف لها روحيتهم الخاصة في الأداء من حيث تصرفاتهم اللحظية، والتصرفات الموسيقية التي تزيدهم إبداعاً وجمالاً، وهكذا ظل المطربون الشعبيون عبر الأجيال أوفياء للونهم الخاص بحيث لم تغيرهم الطرق الأخرى ولم يسعوا لتخريب العمق النغمي الإماراتي، ولم يسعوا إلى الكسب المادي، بل كانوا شديدي الاحترام لفنهم.

ويقدم برنامج الأنشطة الثقافية والفنية في منطقة العين، العديد من الفرص لزوار الدولة والمواطنين والمقيمين للتفاعل مع هذا الإرث الثقافي العريق. وتعتبر العين واحدة من أقدم المناطق على مستوى العالم التي تمتلك إرثاً طويلاً وممتداً من الحضارة الإنسانية، وموطناً لواحد من أبرز المواقع الأثرية المتاحة للجمهور وهي قلعة الجاهلي والمدرجة على قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو. وتقام فعاليات البرنامج الذي يتطرق إلى العديد من الجوانب التراثية الإماراتية الملموسة وغير الملموسة من وحي التراث المجتمعي في العديد من المواقع في منطقة العين.

ويستمر برنامج الأنشطة الثقافية والفنية في منطقة العين حتى مايو 2018، ويقدم مجموعة واسعة من الفعاليات والأنشطة التعليمية والترفيهية في مواقع رئيسية من مدينة العين، من بينها واحة العين، وقلعة الجاهلي، وقصر المويجعي، ومتحف قصر العين، ومتحف العين الوطني، ومركز القطارة للفنون، وفعاليات فنية وثقافية أخرى في أرجاء المنطقة. ويتضمن البرنامج العديد من الأنشطة المختلفة التي تجسّد عراقة وتاريخ إمارة أبوظبي، وتتيح للجمهور التعرف على المشهد المعاصر لمنطقة العين عبر مجموعة من التجارب الثقافية المتنوعة، التي تقام أغلبها خارج جدران الأبنية المغلقة.