+A
A-

حوار مع علاء كركوتي عن تأثيرMAD Solutions ومركز السينما العربيةفي العالم العربي

أجرت مجلة المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) حواراً مطولاً مع المحلل السينمائي علاء كركوتي رئيس مجلس إدارة شركةMAD Solutions والشريك المؤسس في مركز السينما العربية، وسلطت الإعلامية كاثرين جويل الضوء من خلال الحوار على تأثيرMAD في الترويج للسينما العربية داخل وخارج العالم العربي، وكذلك مركز السينما العربية الذي كان تأسيسه نتاج استراتيجية الشركة التي تستهدف تطوير صناعة السينما العربية وزيادة معدل مشاهدتها على المستويين العربي والدولي. 

في البداية تحدَّث كركوتي عن الدافع الذي جعله يقوم بتأسيس MAD Solutions لتكون أول ستوديو عربي مستقل واستشاري يقدم خدمات التسويق المتكاملة للسينما العربية وصناعة الترفيه، ليقول "كنت أحب السينما منذ البداية، ولكن العمل في مجال السينما لم يكن خياراً متاحاً، لهذا درست الصحافة، وبدأت الكتابة لصحف عربية في لندن، ثم ذهبت إلى القاهرة التي تعتبر هوليوود العالم العربي وعملت في الصحافة السينمائية، وهذا ما ساعد في خلق فهم أعمق لصناعة السينما"، وأضاف كركوتي "في هذه الفترة كانت وسائل توزيع الفيلم تتمثل في المقدمة الإعلانية والبوستر والعرض الخاص فقط، وهذا لم يكن يجدي، والجمهور لا يذهب إلى السينما، كان من الواضح وجود فجوة في سوق السينما العربية، وكان علينا تطوير أسلوب جديد والبدء في صناعة أفلام يمكن للجمهور العربي أن يرتبط بها، وهذا يتطلب فهم أعمق لسوق السينما العربية والجمهور العربي، ومن هنا تعاونت مع ماهر دياب في تأسيس MAD Solutionsليكون هو المدير الفني للشركة".

وأشار كركوتي إلى أن الهدف من MAD Solutions هو السعي إلى تطوير السينما العربية إلى أكبر حد ممكن، وتصحيح المفاهيم حول صناعة السينما العربية، وخلق مساحة يمكن من خلالها عرض ومشاهدة الأفلام العربية المتنوعة على المستويين المحلي والدولي، أما عن التحدي الأكبر للشركة فهو أن السينما بالنسبة للجمهور العربي تعتبر نوعاً من الرفاهية، وبالتالي لا يذهبون إلى السينما إلا قليلاً، ولكن هذا بدأ يتغير نسبياً، ففي العام الماضي وزعت الشركة 10 أفلام طويلة في دور العرض بالعالم العربي.

واستعرض كركوتي بشكل تفصيلي نشاط الشركة قائلاً "هناك العديد من الأسئلة غير مجاب عليها عن السينما العربية، ولهذا نحن نتخصص في جمع البيانات والمعلومات عنها وعن جمهورنا المستهدف، هذه المعلومات تعطينا صورة دقيقة للوضع الحالي لصناعة السينما العربية وإمكانياتها الكبيرة، فلمدة كبيرة ظل الناس يضعون ميزانيات حول سوق وهمي، بلا وجود أي فكرة عن الأرقام، ولكن إن كنت ترغب في النجاح في هذه الصناعة وأن تجذب المستثمرين وتبني مصداقية وترصد التطور الحاصل، فأنت بحاجة إلى فهم حجم السوق وجمهورك المستهدف".

ولفت كركوتي النظر إلى أن هذا هو السبب الذي يجعل MAD Solutions رائدة في صناعة استراتيجيات إطلاق جديدة وفريدة، مثل الإطلاق المحدود المدعوم بعرض اختباري لجمهور محدد ومتنوع، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في خلق الاهتمام بالفيلم. هذا الأسلوب ينتج عنه ردود أفعال مفيدة تسمح للشركة بضبط وتعديل الأساليب الترويجية من أجل استهداف الجمهور بالدرجة الأكثر تأثيراً على شباك التذاكر.

وضرب كركوتي مثالاً بالمواد الدعائية الخاصة بالفيلم الأردني المرشح للأوسكار ذيب، والتي كانت نتيجة لآراء رواد السينما في عرض اختباري، وحينها قررت الشركة إطلاق الفيلم في دور العرض المصرية من خلال شاشتين فقط، في البداية لم يكن المنتجون متحمسين لهذا الأسلوب، ولكنه نجح في النهاية، "فمن شاهد الفيلم تحدث عنه مع أصدقائه وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا خلق اهتماماً بالفيلم نتج عنه أن استمر لمدة 7 أسابيع، وهذا كان استثنائياً، لأن الجمهور العربي يفضل سينما هوليوود وبوليوود والأفلام المصرية، إلا أن ذيب تم إطلاقه في 11 دولة عربية، ومن خلال هذا فإننا فزنا بثقة دور العرض والجمهور"، أضاف كركوتي.

كانت هذه الخبرة والاحتكاك بالجمهور، وكذلك المنتجين والمهرجانات حول العالم، سبباً في تطوير رؤية الشركة لصناعة السينما بشكل أكبر، وبالتالي تأسيس مركز السينما العربية الذي يستمر في عامه الثالث، وهو منصة دولية تروِّج للسينما العربية، حيث يوفر لصناع  السينما العربية، نافذة احترافية للتواصل مع صناعة السينما في أنحاء العالم، عبر عدد من الفاعليات التي يقيمها مركز السينما العربية، وتتيح تكوين شبكات الأعمال مع ممثلي الشركات والمؤسسات في مجالات الإنتاج المشترك والتوزيع الخارجي وغيرها.

وتتنوع أنشطة مركز السينما العربية ما بين أجنحة في الأسواق الرئيسية، جلسات تعارف بين السينمائيين العرب والأجانب، حفلات استقبال، اجتماعات مع مؤسسات ومهرجانات وشركات دولية، وإصدار مجلة السينما العربية ليتم توزيعها على رواد أسواق المهرجانات، كما أتاح مركز السينما العربية التسجيل عبر موقعه في خدمة الرسائل البريدية الشهرية، وعبر هذه الخدمة يتاح للمستخدمين الحصول على نسخ رقمية من مجلة السينما العربية وأخبار عن أنشطة مركز السينما العربية وإشعارات بمواعيد التقدم لبرامج المنح والمهرجانات وعروض مؤسسات التعليم والتدريب وتحديثات عن الأفلام العربية المشاركة بالمهرجانات، وإلقاء الضوء على تحديثات أنشطة شركاء مركز السينما العربية ومشاريعهم السينمائية.

وعن التحديات التي تواجهها صناعة السينما العربية، قال كركوتي "على الرغم من أن صناعة الأفلام العربية تتطور، إلا أن جعل الجمهور العربي يشاهد هذه الأفلام في السينما يعد تحدياً كبيراً، كما أن صناعة فيلم عربي يتفاعل معه كل الجمهور العربي والدولي تحدي كبير أيضاً، وعلى الرغم من أن اللغة واحدة، فهناك العديد من اللهجات والاختلافات في التفاعل مع الكوميديا وفي الثقافة وتناول الموضوعات المختلفة، وهذا ما يجعلنا نفكر في إمكانية الإنتاج المشترك، فهو له العديد من الإيجابيات، من بينها تطوير جودة الأفلام والعائد المتوقع منها في شباك التذاكر، المنطقة العربية في حاجة إلى نظام تمويل وتوزيع سينمائي مستدام، يدعمه مجتمع من المستثمرين يدركون أن العالم العربي أحد أكثر المناطق المليئة بالإمكانيات الواعدة في صناعة السينما".

وأضاف كركوتي "الاضطرابات وعدم الاستقرار الذي شهده العالم العربي في السنوات الأخيرة جعل الجمهور في كل أنحاء العالم لديه فضول لمعرفة قصص وحكايات عما يحدث في المنطقة، وهناك منصات مثل نتفليكس وآمازون تعتبر جديدة في هذا المجال، ولديها الإمكانيات وفرص إضافية للترويج للأفلام العربية، هذه الأيام الجمهور يبحث عن أفلام من مختلف أنحاء العالم العربي، وهذا مثير جداً، في الماضي كانت مشاهدة الأفلام العربية خارج العالم العربي أمراً استثنائياً، ولكن هذا تغير الآن".

وانتقل الحديث إلى الملكية الفكرية ومدى تأثيرها على صناعة السينما، ليقول كركوتي "الملكية الفكرية تؤثر على عملنا، هذه الحقوق تضمن حصول كل من يعمل في تسويق وتوزيع الأفلام على دخل مناسب، والإيرادات التي يتم الحصول عليها تجعل من الممكن استثمارها في مشروع فيلم جديد. الملكية الفكرية مركز لصناعة سينما مستدامة ومتطورة داخل وخارج العالم العربي".

وعن أزمة قرصنة المواد الفنية التي تتسبب في خسائر كبيرة للصناعة، قال كركوتي "القرصنة مشكلة كبيرة، تجعل من الصعب أن تحصل على مشترٍ بسعر جيد لفيلم نسخته متوفرة على الإنترنت، ولكن هناك بعض الدول حققت تقدماً ملحوظاً في هذا، ففي الإمارات على سبيل المثال يدفع القراصنة غرامات وأحياناً تصل عقوبتهم إلى السجن لفترة طويلة، ومع هذا فنحن في حاجة إلى دعم صُناع القرار لزيادة الوعي العام وبناء الاحترام لحقوق الملكية الفكرية عبر المنطقة العربية، فالحكومة تلعب دوراً رئيسياً في دعم صناعة سينما مستدامة، ونجاح صناعات السينما الفرنسية والألمانية والمغربية لم تكن لتحدث دون دعم الحكومة".