العدد 3296
الإثنين 23 أكتوبر 2017
banner
الأمم المتحدة وثقافة الصمت
الإثنين 23 أكتوبر 2017

في الوقت الذي تبدو فيه الأمم المتحدة كالأسد في اليمن وتصور نفسها وكأنها تخوص صراعًا من أجل أطفال اليمن، رغم أنها تنحاز في هذا الصراع لجانب دون آخر وتفضل فريقًا على آخر، فهي تظهر كالنعامة وتلتزم الصمت العملي إزاء ما تتعرض له الأقلية المسلمة (الروهينجا) في ميانمار من عنف مفرط وتهجير وتشريد وتكتفي بالكلام “الإنشائي” عن استنكارها واستهجانها.

وفي تحليل مثير لهذا الصمت، نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا أكدت فيه أن الكثير من مسؤولي الأمم المتحدة يحذرون منذ أكثر من ثلاث سنوات من خطر  تتعرض له (الروهينجا)، ويطالبون بالضغط على حكومة ميانمار لوقف الانتهاكات، إلا أن هذه الأصوات لم تجد آذانًا صاغية من قبل الأمم المتحدة، خوفًا من أن يؤدي هذا الضغط  إلى عرقلة جهود التحول من الحكم العسكري إلى الديمقراطية في ميانمار، وتهديد الجهود التنموية والإنسانية التي تقوم بها الأمم المتحدة.

وتفسر الصحيفة أسباب عجز الأمم المتحدة في التعامل مع أزمة الروهينجا بأنها نتيجة الخلافات حول السياسة والنفوذ بين إداراتها المختلفة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يتجنب الخوض أو الحديث عن القضايا السياسية الشائكة، أو التصدي للحكومات عندما ترتكب الاعتداءات، لأنه يعتمد في عمله بالأساس على تعاون هذه الحكومات، ما أدى إلى انتشار ثقافة الصمت في المناطق التي يعمل فيها هذا البرنامج.

يا لها من أسباب واهية ومبررات خادعة لا يمكن أن تصمد أو تجد سندًا مقبولاً في ظل التطهير العرقي والانتهاكات المروعة التي يتعرض لها المسلمون في هذا البلد، ولا يمكن لضمير إنساني أن يتقبل وجود خلاف حول ضرورة التصدي لها والعمل على وقفها مهما كانت النتائج، إلا إذا كانت هذه العملية التي يسمونها “ديمقراطية” عندهم أغلى وأهم من حياة مئات الآلاف من البشر الذين يتعرضون للقتل والتهجير والتعذيب على يد أناس لا يمكن أن يفهموا للديمقراطية معنى أو يحولوها لواقع، أو يعطوا لحقوق الإنسان وزنًا أو يحسبوا لأرواح المسلمين حسابًا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .