العدد 3302
الأحد 29 أكتوبر 2017
banner
صدمة الغرب
الأحد 29 أكتوبر 2017

ونحن نتعامل هذه الأيام بإفراط واندفاع غير مسبوق مع الغرب والشركات والحكومات الغربية في موجة عارمة، خصوصا بعد مجيء ترامب ثم الأزمة مع قطر، لابد أن نأخذ في الاعتبار أن هذه المؤسسات الغربية ومن ورائها الحكومات تنظر لمصالحها بالدرجة الأولى والثانية، ولمصالحنا معهم بالدرجة الثالثة ومع ذلك لا مانع من العمل معهم رغبة في تحسين الصناعة والاقتصاد والسير على طريق الرخاء الذي سار عليه الغرب من قبل، كل هذا مشروع في إطار صدمة أسعار النفط التي تهاوت فجأة ووضعت عالمنا العربي والخليجي بالذات لأهميته على مستوى التحديات التي لم يسبق التعامل معها بمثل هذه الصدمة المروعة.

قبل أن نذهب بعيداً في تعاملاتنا مع هؤلاء الحمر والصفر وأصحاب العيون الزرقاء والبشرة الحمراء، هناك تجارب سابقة من الماضي تؤكد كم أن هؤلاء تهمهم مصالحهم، ومتى ما نفذوا هذه المصالح سيهربون! إذا لا مانع من تطوير علاقتنا معهم بوعي وحذر وسبر غورهم في كل كبيرة وصغيرة حتى لا نفاجأ بصدمة أخرى أشنع من صدمة النفط، وعلينا في هذا المجال أن نتعلم من الصين وكوريا الجنوبية مشاركة الغرب والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم، ولكن بدون أن نذهب بعيداً في وضع بيضنا كله في سلتهم فنصبح كالمضارب في البورصة الذي وضع غلته كلها في حفرة واحدة وانسدت الحفرة فيما بعد، هذا الغرب إذا لم تسايره وأنت معه في مصالحه السياسية دمرك بأداة ناعمة، لا تشعر بالضربة على رأسك ولكن مفعولها مميت.

من هنا ونحن نتجه للتعامل كما هو واضح مؤخراً مع هؤلاء على مستوى دولنا الخليجية علينا أن نراعي بقدر كبير المستقبل ونضمن للأجيال أن هذه السياسة فعلاً حكيمة ومدروسة ولها سيناريوهات بديلة في حالة الانتكاس لا قدر الله، وبالتالي سنكون في مأمن مهما جرى من تحولات وتغيرات في العالم، فالتغيير سنة الحياة ومطلوب إن توفرت له الضمانات المؤكدة، وهناك تجربة عالمية رائدة في مجال الاستفادة من الغرب ترويها لنا التجربة اليابانية التي كانت بمثابة عداء تاريخي مدمر بين الشرق الياباني والغرب الأوروبي طوال التاريخ الذي سبق الحرب العالمية الثانية، وحين سقطت اليابان ودُمرت تمكن قادة اليابان بحكمتهم من إعادة بناء بلدهم مستفيدين من الغرب الذي دمر بلادهم، فكان الذكاء الياباني بمثابة قفزة هائلة في استعادة اليابان ذاتها لتنافس الغرب ذاته وتتفوق عليه رغم الخراب الذي لحق باليابان على يد الغربي نفسه، هنا الذكاء والحكمة في الاستفادة من الغرب وتحصيل النتائج بدل استغلالنا وامتصاص ثرواتنا من أجل قشور خارجية، الذكاء والسداد حكمة الضال، وعلينا أن ننتبه كي لا يضللنا هؤلاء ويستغلوننا.

تنويرة:

عندما تعتاد تسول الفلس فلن تتوقف عن تسول المليون، الفرق فقط في الكرامة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .