العدد 3303
الإثنين 30 أكتوبر 2017
banner
ترنّح “الصحافي المواطن”
الإثنين 30 أكتوبر 2017

قبل سبعة أشهر من الآن، نشط “السوشليون” ومن ادّعى أنه منهم، في تصيّد اختلاف الأسعار ما بين ما هو معروض على الرف والسعر الحقيقي الذي يتم احتسابه عند أمين الصندوق، وذلك بعد بثّ بعضهم صوراً تثبت فرق السعر بين الرف والبيع، ولم تتأخر الجهات المعنية، فقامت بإغلاق المحل بالشريط الأحمر، وصوّرت همّتها في إنفاذ الأمر لكي يطمئن الناس.

حينها جادلت بأن الأمر لا يصحّ هكذا، إذ يمكننا أن نستفيد من رقابة الناس، ولكن لا يصحّ أن يجري التنفيذ في حينه من دون تمهّل، فهذا يعطي سلطة لحاملي الهواتف النقالة الذكية بأنه يمكنهم تصوير أي شيء، في أيّ مكان، أو ادّعاء وقوع مخالفات، وترويج هذا الأمر بين الناس على أنه حقيقي 100 %، وترك الأمر يضطرب بين الجمهور، لتتحرك الجهات المختصة تحت هذا الضغط بردّ فعل يصبّ الماء على الحديد الساخن، بصرف النظر عن الآثار المترتبة على الطرف الآخر الذي جرى الهجوم عليه.

فرأينا بعد حادثة السوبرماركت المشار إليها، أن شهية المغرّدين انفتحت وراحت تصوّر كل ما يقع تحت كاميرا الهواتف، بالحق والباطل، ولا تخفى روائح التصيّد أيضاً سواء من الذين صوّروا، أو الذين استنكروا. والعودة إلى هذا الموضوع بعد كل هذه الأشهر مردّه أن أحد المحامين قال في حينها جملة قاطعة أنقلها بحرفيتها: “القائمون على المحل سوف يدانون وتصدر بحقهم عقوبة”، ولكن الخبر الصادر الأسبوع الماضي يقول ببراءة جميع المتهمين من تهمة التلاعب في الأسعار، إذا لم يدانوا، ولم تصدر في حقهم عقوبات.

قيل كثيراً عن “الصحافي المواطن” بصفته أحد أهمّ مخارج احتكار المعلومة، وارتباطها بمصالحه، على اعتبار أن المواطن لا مصالح تحرّكه، ولا دوافع إلا كشف الحقيقة.

إن غالبية ما ينشر عبر هذا الباب لا يعدو لواعج ذاتية فيها قدر كبير من حب الشهرة، وقلّما اقترب المواطن من الصحافة وشروطها لينقل إلى الجمهور قضية عامة من دون أن يكون واقعا في دوائرها، فإذا كانت الصحافة، وهي مؤسسات فيها قنوات ومصاف للأخبار لتصبح مشارط علاج، تخفق في حالات كثيرة من السيطرة على الحسّ الداخلي لها، فكيف الحال مع “الصحافي المواطن” غير المحكوم بأي ضابط؟!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية