العدد 3305
الأربعاء 01 نوفمبر 2017
banner
خطاب جلالة الملك وضع حدا لمخططات الدوحة التخريبية
الأربعاء 01 نوفمبر 2017

جاء خطاب عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في جلسة مجلس الوزراء أمس الأول ليحسم جدلا كبيرا بشأن اللقاءات الخليجية القادمة وتمثيل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب فيها، فجلالته أكد “أن قمم الخير لا يمكن أن تلتئم بوجود من لا يريد الخير لهذه المنطقة، فقطر لا تكف عن إثارة الفتنة في البحرين ودول أخرى، وأينما وجد الخراب نرى أيادي الدوحة؛ لذا لا يمكن القبول بمن ينتمي لهذا النظام بعد اليوم أن يكون جزءا من المنظومة الخليجية التي كان شعارها منذ التأسيس قائم على تحقيق مصلحة الأخوة”. وهنا نستعرض بعضا من ألاعيب قطر واستهدافها البحرين إعلاميًا، وتقديم الدعم والإسناد الإعلامي للإرهاب ليعلم الجميع بأن ما اتخذته مملكة البحرين والدول الداعية لمكافحة الإرهاب لم يأت من فراغ، بل العكس هذه الدول، ومنها البحرين صبرت حتى مل منها الصبر.

قطر خلف كواليس اضطرابات 2011

حينما تم افتتاح قناة الجزيرة الإخبارية العام 1996 اكتسبت شهرتها جراء تزامنها مع تصاعد وتيرة العنف وزخم أنباء  الأعمال الإرهابية واضطراب مستوى السلم العالمي خصوصا عقب الهجوم الإرهابي الأشهر عالميا، ألا وهو استهداف  برجي مركز التجارة الدولية في منهاتن، ومقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في 11 سبتمبر 2001، حيث كانت القناة تنفرد ببث كلمات ولقاءات حصرية مع زعيم تنظيم “القاعدة” الإرهابي أسامة بن لادن، فكانت القناة الوحيدة التي استطاعت الدخول إلى أوكار أعضاء هذا التنظيم في أفغانستان، ومن هذا المنطلق وجدت كثيرا من المتابعين لمعرفة مَنْ وراء هذا العمل الشنيع الذي استخدمت فيه وسائل النقل لتدمير البشرية، وقد اعترف قادة التنظيم بذلك.

بيد أن قطر وللأسف الشديد أبت إلا أن تستغل شهرة قناتها الإعلامية هذه ضد المصالح العربية، وهو ما اتضح بصورة جلية في الاضطرابات التي شهدتها المنطقة العربية في العام 2011 أو ما سمي زورا بالربيع العربي، حيث بُلورت عبر شبكة الجزيرة كواليس الاحتجاجات، واضطلعت بأدوار مؤثرة في الأحداث الدامية في دول شقيقة كتونس ومصر وليبيا وسورية واليمن.

أما في بلادي، فحدث ولا حرج، فقد قامت قناة الجزيرة بتحريض المواطنين على عدم المشاركة في التصويت على ميثاق العمل الوطني العام 2001، واستضافت عناصر تعمل ضد مصالح مملكة البحرين في الإعلام القطري الرسمي، كما وفرت قطر دعمًا إعلاميًا للأحداث الإرهابية التي شهدناها في العام 2011، وراح خلالها كثير من أرواح الأبرياء من المواطنين ورجال الأمن، وذلك في محاولة يائسة منها لتقويض الأمن الوطني، وقلب نظام الحكم.

ولعل التسجيلات الهاتفية التي نشرها التلفزيون البحريني بين رئيس وزراء قطر السابق والمدعو علي سلمان أحد قادة جمعية الوفاق المنحلة؛ من أجل حثها على الاستمرار في الاحتجاجات العام 2011 خير دليل على ذلك.

ومن خلال رصد ما بثته “الجزيرة” عن الأوضاع في مملكة البحرين في الفترة من العام 2011 وحتى العام الجاري  2017، فقد بلغ عدد دقائق البث بالقناة أكثر من 6 آلاف دقيقة، منها نحو 4 آلاف دقيقة في العام 2011، مما يؤكد ضخامة التحشيد الإعلامي في تلك الفترة ضد البحرين، هذا ناهيك عن تغطية قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية، والتي تعد أكثر بعداً عن الحقيقة، وسعياً لتشويه صورة البحرين بالخارج.

ومنذ تلك الأحداث وحتى الآن، يُعد الإعلام القطري عموما، وقناة الجزيرة خصوصا ساحة جدال وحوار “طرشان” تسوده مفاهيم خاطئة كأنما يقصد منه تصفية حسابات، وذراعًا للمساومة في السياسة الخارجية، عبر إعلام مضلل بات منصة للهجوم على دول معينة وإثارة الفتن والقلاقل فيها.

غياب المهنية

من يتابع الإعلام القطري لا يجد صعوبة في اكتشاف الكم الهائل من الانفلات والفوضى المنبثقة عن غياب المهنية الإعلامية، والتي تُبنى في الأساس على علم ومبادئ وأصول وقيم تضاءلت أمامها الأجندة القطرية في المنطقة، انعكست سلبيا على المهنية والتقاليد الإعلامية مضموناً وشكلاً، حيث أضحى الإعلام القطري يسعى لأهداف غير مشروعة من بينها ما يلي:

أولا: دعم التنظيمات الإرهابية من خلال الاستضافة المتكررة والمرحب بها في برامجه، لتبث تلك التنظيمات سمومها، وتحرض ضد الدول الشقيقة.

ثانيا: التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والعمل على زعزعة استقرارها، عبر مخططات إجرامية، انكشف كثير منها للرأي العام، والتركيز على بث أخبار سلبية ومحرِّضة عن دول بعينها.

ثالثا: نشر الأحقاد والكراهية والأفكار الهدامة والأيديولوجيات المخربة؛ لتمزيق دول بعينها، وتفريقها، واستهداف مؤسساتها ومكوناتها.

رابعا: دفع الشعوب للتمرد والاحتجاج على أنظمتها، ومعالجة مشكلاتها باللجوء إلى العنف والحروب الأهلية والاقتتال فيما بينها، واستخدام التضخيم والتهويل؛ لإثارة الفوضى والفتنة.

الإعلام القطري ومرتكزات الوجود

من المفهوم والطبيعي أن ينحاز الإعلام الرسمي لأي دولة حتى في أحلك الظروف لسياسة الدولة التي ينتمي لها، ولكن ولكي يكون ذلك مقنعًا، فإنه يجب أن يتم ذلك الانحياز بطريقة يمكن تبريرها أو تفهمها، هذا لن يحدث إلا إذا تسلح هذا الإعلام بالموضوعية واستند إلى الحقائق الثابتة، غير أن الأمر المخزي هو أن تلجأ وسائل إعلام رسمية لتزييف الحقائق، وأن تتناقض فيما بينها مثلما تفعل وسائل الإعلام القطرية التي ربما هي نفسها لم تكن تتصور أن تواصل الكذب وتزييف الحقائق بهذا الشكل، وتريد أن ينطلي ذلك الكذب على الآخرين.

فبدلاً من أن تعتمد على المبادئ والمواثيق الإعلامية وأخلاقيات المهنة، فإن وسائل الإعلام القطرية، وفي مقدمتها قناة الجزيرة تلجأ إلى أساليب أخرى؛ لكي تثبت وجودها، فعمدت الفضائية إلى أساليب عدة منها:

أولا: اتباع أسلوب الجذب الإعلامي والإثارة السياسية:  نشأت هذه الفضائية على أسلوب دس السم في العسل، فظلت لسنوات عدة تعمل على تقديم مادة جاذبة للمشاهد وخصوصا التطرق لموضوعات لم يتم تناولها من ذي قبل في القنوات العربية، بل وتعد من قبيل “المحرمات” على التناول الإعلامي كالتطفل على الحياة الخاصة للآخرين والخوض في أمورهم الشخصية، والكشف عن أسرار حياتهم الخاصة، فجاءت  “الجزيرة” لتضع حدا لهذه القيم والمثل المتعارف عليها، فتلاشت الخطوط الحمراء على تغطياتها فيما يتعلق بأي دولة أخرى بخلاف قطر، التي تطبق عليها صمتا بهيميًا، ولا تنطق ببنت شفة، وتخرس كل الألسنة التي كانت تتبجح بالحرية، فتهاجم بلا سقف طالما كان الأمر لا يتعلق بشأن أو مسؤول قطري.

ولعلي أذكر هنا أن “الجزيرة” بثت منذ اندلاع أحداث 2011 ما يفوق 900 تقرير وخبر عن مملكة البحرين، و20 ألف مادة ضد السعودية خلال 3 أشهر، وفي حين هاجمت دور قوات التحالف في اليمن، لم تقم القناة بتغطية فعاليات مؤتمر المعارضة الإيرانية الأخير في باريس على سبيل المثال، كما تغافلت القضايا والمشكلات السياسية والاجتماعية الداخلية، فهل شاهدنا برنامجا حواريا واحدا عن كيفية التعامل مع القبائل القطرية التي لا تؤيد السياسة القطرية الحالية، أو انتزاع جنسيات المعارضين القطريين، أو عن التهديدات الأخيرة من النظام القطري بإبادة القبائل القطرية بالغازات السامة في حال تحركها ضده؟

ثانيا: “جاذبية فكرة” الغزال الذي يهاجم الأسد: فإذا رأيت أسدًا يهاجم غزالا، فذلك أمر معتاد وطبيعي، ولكن إذا وجدت غزالاً يهاجم أسدًا، ما وقع ذلك عليك؟ ذلك هو الحال في إعلام قطر الذي يدرك جيدا أن مهاجمته دولا كبيرة مثل السعودية ومصر سيثير حفيظة الرأي العام العربي والإسلامي، بينما لو حدث العكس، فلن يكون له التأثير نفسه.

ثالثا: تغليف المحتوى الإعلامي بعاطفة الدِّين: من خلال الاستعانة بآراء رجال دين معينين في بعض التقارير المقدمة بالقناة، ونسج محتويات التقارير بعدد من قصص القرآن ليتم إسقاطها على الواقع الداخلي للدول المستهدفة.

رابعا: توظيف الكتائب الإلكترونية والإخوانية الداعمة لقطر بأسوأ الأشكال: ما أن يصدر تقرير أو تحليل، أو تنشر حلقة حوارية من حلقات فضائية الجزيرة، إلا ويتم بعدها انتشار أجزاء منها في كافة مواقع التواصل الاجتماعي، واستخدامه في توظيفات وسياقات مختلفة، الأمر الذي يعكس تشابك فبركة الإعلام القطري مما يصعب الإلمام بخيوطه وأطرافه كافة، ومن هذا المنطلق لم يعد سًرا، أن تكون قطر هي الممول الرئيس للمشروع الإخواني بالمنطقة ولا يقتصر دورها على التمويل المالي فحسب، وإنما تجاوزه لتكون الدولة مأوى لقادة التنظيم الإرهابي، بحيث تعمل الدوحة على تجنيسهم وإكسابهم المواطنة، وفتح منابر إعلامية لهم لبث سمومهم من خلال منابرها.

لقد بدأت الروابط الوثيقة بين الدوحة وبين حركة الإخوان المسلمين العالمية عندما هرب أعضاء من الجماعة من مصر في خمسينات وستينات القرن الماضي، ومن سوريا في العام 1982، فقامت قطر بتوفير المأوى لهم ومنح العديد منهم وأبرزهم المدعو يوسف القرضاوي منبراً في قناة الجزيرة؛ للتعبير عن آرائهم في مقابل تفاهمٍ ضمنيٍّ بأن يمتنعوا عن التدخّل في القضايا المحلية أو التعليق عليها.

خامسا: تلفيق وكذب الإعلام القطري: هناك شواهد كثيرة على هذا التلفيق، ومن بينها:

ـ تلفيق تصريحات لمسؤولي المحكمة الجنائية الدولية عن إدانتها لـ “حصار” الدول الأربع لقطر.

ـ فبركة خبر الاتِصال الذي جرى بين سمو ولي العهد السعودي وأمير قطر حول الحوار.

ـ التلاعب في مضمون خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي وجه فيه الاتهام مباشرة إلى قطر بتمويل الإرهاب.

الاعتراف الرسمي بالذنب الإعلامي

لقد كان توقيع أمير قطر على اتفاق الرياض 2013 واتفاق الرياض التكميلي العام 2014 بمثابة اعتراف رسمي واضح بالذنب وانحراف وسائل الإعلام القطرية وانتهاجها خطاً مضاداً للمصلحة الخليجية والعربية، حيث يقضي البند الأول من اتفاق الرياض بالالتزام بعدم إساءة القنوات الإعلامية المملوكة أو المدعومة بشكل مباشر أو غير مباشر من جانب أي دولة من دول المجلس لأي من دول المجلس، إضافة إلى ذلك هناك بنود أخرى حول عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الدول الأعضاء في المجلس، والتزام الموقعين بعدم إيواء أو استقبال أو تشجيع أو دعم أو جعل الدولة منطلقا لأنشطة معارضي أي من دول المجلس، وكذلك عدم دعم أي من هؤلاء ماديا أو إعلاميا من جانب مؤسسات رسمية أو مجتمعية أو أفراد.

وللأسف الشديد ، مازالت وسائل الإعلام القطرية على نهجها ذاته لم تلتزم قطر للآن بهذه الاتفاقات التي وقعت عليها واعترفت ببنودها، بل تواصل شبكة قنوات الجزيرة في التحريض والتلفيق في الكثير من القضايا والهجوم على جيرانها.

والأنكى من ذلك، نلاحظ ظهور مواقع قطرية خارج قطر تقوم بالدور نفسه وتتبنى ذات السياسية المناوئة، ومن بينها موقع باللغة الإنجليزية في لندن يديره موظف سابق بالجزيرة لا همَّ له إلا مهاجمة السعودية والإمارات وغيرها من دول الخليج، كما انتقل عدد كبير من الإخوان والمتعاطفين معهم ومعارضين لدولهم؛ للعمل في شبكة جديدة من الصحف والمواقع والقنوات في قطر عبر شركة في لندن يرأسها مستشار أمير قطر، هذا بالإضافة إلى عدد من المواقع والقنوات الإخوانية التي تنطلق من تركيا بتمويل قطري.

على نفسها جنت براقش

إن مواجهة للإعلام القطري عموما، وقناة الجزيرة خصوصا يجب أن تكون قائمة على مبدأ “لا يفل الحديد إلا الحديد”، فالمواجهات يجب أن تكون مبنية على وسائل موازية، أكثر قوة وتكتيكية، وأن يتم تطوير الإعلام المضاد بالشكل الأمثل؛ لكي يستغني المواطن العربي عن قناة الجزيرة كلياً، وقديما قالت العرب المثل الشهير “على نفسها جنت براقش” حينما ينقلب السحر على الساحر، وفيما يلي عرض لبعض المبادئ المقترحة:

1. فكر عالميا ونفذ محليا

ليكون وضع الأهداف والإستراتيجيات مواكبا لأحدث التقنيات العالمية من خلال تبني إعلام محترف يحقق الأهداف الداخلية لكل دولة، ويعزز العلاقات الخارجية.

2. تبني مفهوم الإعلام الهادف الذي يتبنى رسالة محددة متفق عليها.

3. تحقيق الأمن الإعلامي لمواجهة الجهات ذات الأجندات الخارجية، والتي تسعى للإضرار بأمننا واستقرارنا.

4. مشاركة كافة الخبراء أصحاب الصلة في المجال الإعلامي؛ لوضع خطة عمل واضحة وطويلة المدى، وتقديم بديل إعلامي عربي ناضج يحمي المقدرات العربية، وليس تعاملا وقتيا راهنا مع الأزمة.

5. تبني مراجعة شاملة والقيام بتطوير مستمر لقوانين الإعلام بالمنطقة بما يتلاءم مع التطور والتقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصالات.

6. تبني خطاب موجه للشعب القطري ليوضح موقفنا من الدوحة، وكيف أنه لا يستهدف الشعب القطري، ولكنه رد فعل للسياسات القطرية وممارساتها التي تهددنا، وفي الوقت ذاته تبني خطاب إعلامي عالمي يفند الادعاءات القطرية.

7. تبني “رؤية موحدة” للإعلام الخليجي خاصة تجاه القضايا المشتركة، وتنمية روح التعاون والتكامل بدلا من روح التنافس بوسائل الإعلام الخليجية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية