العدد 3306
الخميس 02 نوفمبر 2017
banner
الطفل الذي أبكى البحرينيين
الخميس 02 نوفمبر 2017

كنت من المتابعين والمهتمين بحيثيات الحالة الصحية للطفل جواد، والذي بدأت معاناته مع متلازمة النفرو الكلوية منذ نعومة أظفاره، وانتهت فصولها بأحد المستشفيات الباريسية.

جواد، الذي قضى أغلب سنوات حياته في أجنحة العناية المركزة بالمستشفيات، مستنشقاً روائح الأدوية العطنة، ومستلقياً على الأسرة البيضاء الباردة، بعيداً عن الحدائق، والمدارس، وساحات اللعب، شاءت له الأقدار أن يترجل عن الحياه بعد طول معاناة.

توفي جواد صادق شعبان يوم أمس؛ جراء مضاعفات ألمت به بعد عملية زرع كلية كان قد تبرع بها والده مؤخراً، والده الذي كان صابراً محتسباً على حالة ابنه السيئة والمعقدة، والتي استنزفت منه سنوات من الجهد، والاهتمام، والمتابعة، والقلق، وأبعدته عن الحياة الاجتماعية، وربما الأسرية، ليكون مركز الاهتمام الأول هو الصغير، ولا غير ذلك.

وحكاية الطفل جواد، والذي أبكى البحرينيين، وغيره من الأطفال الذين يبتلون بالأمراض، وبالظروف الصحية المتعسرة والقاهرة، تقدم للبحرين قصصاً نبيلة وعميقة في الابتلاءات التي يخفي الله عز وجل بثناياها الخير الكثير، والأجر العظيم، للطفل، ولمن معه.

كما أنها تحمل رسالة ربانية للآخرين من الناس، للمتذمرين، والساخطين، والمتأففين، عن حجم النعم والخيرات التي تحيط بهم ولا يرونها، فكم منهم من لا يرى إلا ما هو لغيره؟

ويؤلمني كثيراً حين تكون الابتلاءات في عظيم النعم، وهي الأطفال، طفل يغرق ببركة سباحة، وآخر ينهار خامداً أمام مرض السرطان، وآخر تدهسه سيارة مسرعة، وبأخبار مؤسفة تنقلها صحفنا المحلية بين الحين والآخر.

لكن الحكمة والاختلاف يكون دائماً في تلقي هذه الابتلاءات، وفي الحمد والاحتساب، والشكر على القضاء والقدر، وكما سيكون جواد بإذن الله طيراً محلقاً في الجنة، كذلك هنالك آخرون سبقوه، وسيلحقونه من بعد، فرحم الله جواد، وألهم أهله الصبر والسلوان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية