العدد 3309
الأحد 05 نوفمبر 2017
banner
الاحتفال بوعد بلفور
الأحد 05 نوفمبر 2017

لم يكن يتخيل أي شخص في العالم أن تتسبب 67 كلمة كتبها وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور إلى اللورد روتشيلد ممثل اليهود في بريطانيا في الثاني من نوفمبر 1917 بمأساة استمرت 10 عقود، واندلاع حروب وصراعات أزهقت أرواح الآلاف وشردت آلاف العائلات ولا تزال فصول المأساة مستمرة وتداعياتها الكارثية متواصلة، في جريمة تاريخية لا تغتفر لقائلها وكل من ساهم واشترك في تنفيذها.

ورغم ذلك، صدمنا حقًا عندما وجدنا من يحتفل بالذكرى المئوية لهذا الوعد المشؤوم من الحكومة البريطانية لليهود بتسليمهم أرض فلسطين ليقيموا فيها وطنا لهم رغم أن نسبتهم آنذاك 5 %، وهو الوعد الذي انتهى إلى قيام دولة إسرائيل، لأنه كان وعدًا غربيًا بتوقيع بريطاني ما ضمن طريقًا ممهدًا ليتحول لواقع دون مقاومة دولية.

الاحتفال بهذه الذكرى الأليمة فيه الكثير من الدروس التي يجب أن نعيها جيدًا حتى لا ننخذع بكلمات الإشادة والإطراء التي تساق في كثير من المناسبات لضمان تحقيق المصلحة وليس لقناعة بمضامينها أو إيمان بدلالاتها، إذ كيف لنا أن نصدق من يزعم “قوة” العلاقات ويؤكد رغبة في “التقارب” ويدعي “تطابق” المواقف، وهو يشعر بالفخر من الدور الذي لعبته بريطانيا في إقامة دولة إسرائيل، ويؤكد أنه لا حق لفلسطين في مساءلة بريطانيا بأي شيء وليس من حق أحد أن يسأل عن ما أقدمت عليه بحق الشعب الفلسطيني.

دول كثيرة اعتذرت عن أخطاء أقل كثيرًا من جريمة وعد بلفور، وزعماء اعترفوا بجرائم ومجازر ارتكبتها دولهم خلال فترات سابقة من التاريخ، ولكن كانت وراء هذه الاعتذارات والاعترافات مطالبات حثيثة لا تكل ولا تمل عن طرق كل السبل لرفع الظلم عن أصحابها ووضع الأمور في نصابها الصحيح ومسمياتها المعبرة عن الوقائع والأحداث.

لقد لخصت وزيرة خارجية الظل في حزب العمال البريطاني إيميلي ثورنبري هذه القضية وكيفية الاحتفال بها عندما طالبت الحكومة البريطانية بالاعتراف بدولة فلسطينية، بعد 100 عام على صدور وعد بلفور، قائلة: “إنه يجب إحياء ذكرى بلفور لا الاحتفال بها، فعلينا إحياؤها؛ لأنها نقطة تحول في تاريخ المنطقة، والطريقة الوحيدة للاحتفاء هي من خلال الاعتراف بدولة فلسطينية”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية