العدد 3313
الخميس 09 نوفمبر 2017
banner
“أوراق الجنة” لا تستر العورات
الخميس 09 نوفمبر 2017

إن ما حدث في المملكة العربية السعودية في الأسبوع الأخير، قد يقرع الجرس داخلها لكل من فسد وأفسد، دفع أو استلم، وقد يغري دولاً خارجها لانتهاج النهج نفسه، والوضع العام يشي بأن تنظيفاً سيبدأ من الدرجات العليا من السلم، كما قال مؤسس سنغافورة لي كوان يو، وهذه هي الطريقة الصحيحة في مكافحة الفساد، شريطة أن تكون جميع الاشتراطات والضمانات متوافرة حتى يطمئن الجميع إلى سير العدالة، فإن ثبتت على المتهمين تهمهم فإنّهم يستحقون ما سينالون من عقاب في إطار القانون.

بعد أيام قليلة من هذه الزلزلة الكبرى، يأتي اليوم الموعود الذي اتفق فيه مئات الصحافيين الاستقصائيين حول العالم، على نشر نتائج تحقيقاتهم التي تعتبر الجزء الثاني من تحقيق ضخم أجري العام الماضي تحت مسمى “أوراق بنما”، ليصدر هذا العام تحت اسم “أوراق الجنة” نسبة إلى ما تعورف عليه بـ “الجِنان الضريبية”، كما تسمّى الملاذات الضريبية، وهي مناطق تفرض بعض الضرائب أو لا تفرض أية ضرائب على الإطلاق أو هي دول تتمتع أنظمتها المصرفية بقوانين صارمة لتحافظ على سرية حسابات عملائها الأجانب فتساعدهم على التهرب من دفع الضرائب في بلادهم الأصلية.

الصحافيون نقّبوا في أكثر من 13.4 مليون وثيقة امتّدت ما بين الأعوام 1950 و2016، كشفت أسماء حوالي 120 سياسياً من 50 بلداً، وهذا هو الجزء الأكثر إثارة في الموضوع، حينما يخلط السياسي عمله الذي يُفترض أن يخدم به البلاد والعباد، ليخدم نفسه عبر نفوذه وسلطته وعلاقاته، فقام هؤلاء بإيداع أموالهم في تلك الجنان الضريبية حتى لا يُعلم عنها شيء، ولا يُخبّأ شيء إلا إن كان يُخاف عليه، أو يُخاف منه، فمصدر الخوف هنا يشير إلى احتمال كبير لعدم شرعية هذه الأموال.

في القصص القرآني، عندما أكل أبوانا آدام وحواء (عليهما السلام) من الشجرة (وليس التفاحة) وبدت لهما سوءاتهما، طفقا يخصفان من ورق الجنة، إلا أن “أوراق الجنة” هنا هي التي عرّت الكثير من العورات والخزي على المستوى العالمي في التعامل مع أهم شهوات البشر: المال. فما عاد هناك ملجأ من الانكشاف، وما عادت هناك قائمة لها اسم أخير، ومن الصعب أن ينجو أو يهرب الفاسدون مادام وراءهم من يكشف عنهم ما اطمأنّوا لإخفائه، وإن طال الزمان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .