العدد 3323
الأحد 19 نوفمبر 2017
banner
سلمان بن إبراهيم... حاول تفهم!
الأحد 19 نوفمبر 2017

إنه لمن المشرّف فعلاً أن يكون رئيس الاتحاد الآسيوي بحرينيًّا، فهو لا يمثل شخصه في هذا المنصب القاري الكبير فحسب؛ وإنما يمثل البحرين أيضًا. والحمد لله إنه يقدّم صورة ناصعة تؤكد أن هذا البلد “الصغير” في مساحته، “عملاق” بشخصياته الفذة المنحدرة من مجتمع غني بعائلاته ومكوناته وتنوعه.

لكن الشيخ سلمان بن إبراهيم ال خليفة الذي تربطه صلة قرابة مع الملك وأفراد العائلة المالكة في البحرين، لم يصل إلى رئاسة الاتحاد الآسيوي لاعتبارات عائلية أو وساطة؛ وإنما وصل من خلال عمله وطموحه، فضلاً عن براعته الدبلوماسية وعلاقاته القوية مع أفراد الأسرة الرياضية العالمية.

وأنا أجزم أن البحرينيين وغير البحرينيين ممن تعاملوا مع سلمان بن إبراهيم بشكل مباشر، يدركون تمامًا ما أقصد، ذلك أنهم لمسوا تعامله الراقي واكتشفوا شخصيته الجذابة وأسلوبه في القيادة القائم على إعطاء كل ذي حقٍّ حقه بإنصاف وعدل ... ولا ننسى أيضًا حكمته وتحامله على ذاته من أجل المصلحة العامة.

لذلك، لا عجب أن ترِد سلمان بن إبراهيم شهاداتٌ من خصومه في المجال الرياضي، والحقيقة أنه لا يوجد خصوم في الرياضة وإنما منافسون، وهو الأمر الذي يتقبله رئيس الاتحاد الآسيوي برحابة صدر؛ لأنه يتمتع بالقدر الكافي من الروح الرياضية ومخزون وافر من اللياقة.

والأكثر من ذلك، أن شخصية سلمان بن إبراهيم ليست راقية وملتزمة بالأدب والاحترام فحسب؛ وإنما هي فرصة حقيقية لأن يكتشف من يجهلونها أن “الدونية” ليست أهلاً للتخاطب، فيجدون أنفسهم مجبرين على الارتقاء في لغة الحوار من ذواتهم وإن بطريقة لا تشبههم.

وسواء أكان سلمان بن إبراهيم أم غيره من القيادات الرياضية الواثقة من نفسها وقدراتها يتعرضون في بعض الأوقات لاختبارات ضبط النفس، فالأكيد أنها لن تؤثر عليهم، خصوصًا عندما تخرج من طرف تهزمه لغة التعالي ويسبح في تيار الانفعال، فتصدر عنه أفعال غير موزونة تجعله يتوهّم الانتصار وينتشي كبرياؤه المخدوع بالوهم.. متناسيًا أن “تغريد العصافير لا يرعب الأسود”.

أما “الانتصار المعنوي المزعوم” الذي يروّج له بصورة مغلوطة، فلا يُغيب أهمية “اللعب النظيف”، ولا تفوتنا الإشارة هنا إلى أن امبراطورية كرة القدم خصصت جائزة في أهم مناسباتها لـ “اللعب النظيف” في إعلان صريح على أهمية “النظافة”، وعلى ضرورة أن يتحلى المتنافسون بالقيم الرياضية السامية.

ولكن قبل أن تعرف ما قيمة هذه الجائزة، حاول أن تفهم لماذا تطوّرت الرياضة وأصبحت تقودها منظمات تعتمد على قوانين وأسس لتنظم اللعب وتضعه في إطار يفصله عن الفوضى والتخلف، وهذا بالضبط ما يفعله الرجل البحريني الذي استطاع أن يوحّد قارة آسيا من شتاتها، وكان على مقربة من رئاسة اتحاد الكرة الدولي رغم الحروب القذرة التي شنّها عليه بعض منافسيه واصطفافهم ضده وكأنه المُرشح ضد بقية المرشحين، وكل ذلك لأنه قوي.

ورغم ذلك لم يضره شيء مما سلف، فهو اليوم يُعرف على أنه أحد قادة كرة القدم في العالم، وصاحب النفوذ الواسع في القارات الست، مُحققًا النجاح تلو النجاح ... نعم هذا هو سلمان بن إبراهيم الذي ربما يجهله البعض فنقول لهم من باب أن “الذكرى تنفع المؤمنين”.. حاول أن تفهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .