العدد 3331
الإثنين 27 نوفمبر 2017
banner
إلى حين تحقق الحلم
الإثنين 27 نوفمبر 2017

لا يمكنني أن أتصور أن هناك عربياً على وجه الأرض لم يحلم بأن يزور فلسطين المحتلة، وقد تحررت من أقصاها إلى أقصاها، ومعها تحررت جميع الأراضي العربية، سواء أراضي (48) أو ما بعدها، ولم تبق للاحتلال البغيض أية بقية، سواء أُلقوا في البحر، أم ذهبوا إلى حيث أتوا، أو عاش من عاش منهم على الأرض نفسها تحت العلم الفلسطيني والسلطات الفلسطينية الوطنية وقوانينها. ولكن لا يمكن أن نتصور أن عربياً، لم يحلم بهذا اليوم، سواء كان مسلماً يريد أن يصلي ركعتين في القدس الشريف، ويسجد مع الساجدين في باحة قبة الصخرة حيث يكون إمام المسجد الأقصى مع عدد هائل من الجباه الساجدة على الأرض، أم كان مسيحياً يودّ أن يحجّ إلى كنيسة القيامة ودرب الآلام ودير ستنا مريم، وغيرها، وكذلك غير الدينيين الذين حلموا كذلك بتحرير الأرض، ولكن ها هي ذي الأعمار تنقضي، والحلم باق لا يزال.

في السنوات الأخيرة، بدأ أناس يزورون الداخل الفلسطيني المحتل، ولكننا تربينا أن لا ندخلها إلا وقد تحررت من دنس الاحتلال، وحين نسأل من ذهب بعد حياء وتردد يكون جوابهم أننا ذهبنا لنشدّ أزر أهلنا، لنقول لهم إننا معكم، لنريهم أننا لم ننسهم مهما تطاول العهد، ومهما مرّت السنون، ننقل إليهم ما تيسّر من مساعدات تسند مواقفهم الشجاعة اليومية، بدلاً من تركهم للصهاينة ينفردون بهم.

قبل أيام طرحت هذا الموضوع للنقاش على صفحتي، وتفضل أصدقاء شخصيون وفيسبوكيون بالتفاعل مع المطروح، وانقسم المتفاعلون إلى قسمين غير متساويين: القسم الأول، وهو الأكبر رأى أن الزيارة تطبيع لاشكّ فيه، ولا يمكن تسميته بغير هذا الاسم، وأن حجّة “دعم الأهل في الأراضي المحتلة” لا يعدو حقا أريد به باطل، فمن يمنح التراخيص هي السلطات المحتلة، ونيل الترخيص منها يعني اعترافا بها وخضوعا لسيادتها وقوانينها المرفوضة.

ويحتج الطرف الآخر من الذين شاركوني الرأي بأنه دعم، والتخلي عن الأهل ليس أمرا جيّدا، ذلك أن الفلسطيني في الداخل سيسعده ويقوّي عزيمته أن يرى أبناء أمته غير منصرفين عنه، يأتوه ليصافحوه ويهمسوا في أذنه مباشرة: اثبت... فنحن معك.

أيّاً كان رأي الطرفين، فإن هذا الجدل الصّحّي يقول إن قضيتنا المركزية هي قضيتنا المركزية، مهما حاولت أطراف كثيرة أن تنسينا إيّاها، أو تشتت انتباهنا وتصرفنا عنها، ومهما البعض أن يميّعوا المسألة ويجرّوا المواقف إلى جانب الرضا بالأمر الواقع والرضوخ له، وأن لا شيء سيتغير، و”كان غيركم أشطر”، و”ماذا كسبنا بعد كل ما حصل سوى معاهدات السلطات الفلسطينية مع من تسمّونهم العدو... فهل سنكون أكثر فلسطينيةً منهم؟”.

لافتٌ أخيرٌ للنظر... إنّ أكثر من قالوا إن الزيارة تطبيع، هم نحن الذين خارج مظلة الاحتلال الصهيوني، ومن رحبّوا بزيارة إخوتهم العرب أكثرهم من فلسطينيي الداخل ولم يتعبروا ذلك تطبيعاً... وتبقى عيوننا إليها ترحل كل يوم من دون تلويث الغاصبين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .