العدد 3344
الأحد 10 ديسمبر 2017
banner
360 درجة أيمن همام
أيمن همام
أين أنتم من تحرير القدس؟!
الأحد 10 ديسمبر 2017

بقدر ما أثار اعتراف دونالد ترامب بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني غضبنا، بقدر ما أثلج صدور أعداء الأمة العربية والمتربصين بأمنها واستقرارها، ففيما رحب الصهاينة بالقرار الكارثي، أبدى النظام الإيراني ووكلاؤه وقياديو الإخوان والموالون لهم شماتة لا تنم عن حقد دفين للأنظمة العربية فحسب، بل عن عدم اكتراث بمصير أولى القبلتين من الأساس.

تظل إسرائيل بلا ريب عدونا الأول، ولكنها ليست الوحيد للأسف، ويبدو أن الأعداء عقدوا تحالفا سريا للفتك بنا واقتسام ما تبقى من أوطاننا بينهم، فكيف يمكن تفسير تصريح وزير خارجية إيران الظريف “إذا أُنفقت بعض الأموال التي تنفقها بعض الدول على الإرهاب على تحرير فلسطين، لما كنا واجهنا العنجهية الأميركية”.. السؤال الموجه لظريف وأسياده والإخوان وأتباعهم وكل من يتهكم علينا وعلى قادتنا “أين أنتم من تحرير القدس؟!”.

منذ اللحظة التي انقلبت فيها أميركا على نظام طهران ونفضت يدها من مشروع الإخوان عجت وسائل التواصل الاجتماعي بملايين الرسائل الخبيثة التي تدغدغ المشاعر فتجد للأسف طريقها إلى كثير من العقول المغيبة، التي يسهل إقناعها بأن الأنظمة العربية توطد سرا التعاون الأمني والاستخباري مع إسرائيل كسبيل للتصدي لإيران، وأنها تسعى تدريجيا للتطبيع مع إسرائيل.

متى استهدفت إسرائيل إيران أو العكس؟! وهل لا تزال إسرائيل تريد تطبيعا معنا؟! لم ينشأ على مر التاريخ عداء بين إيران وبني إسرائيل، بل على العكس يرجع اليهود الفضل لقورش الكبير حاكم فارس في تحريرهم من السبي البابلي على يد نبوخذ نصر وإعادتهم إلى أرض فلسطين مرة أخرى.

أما التطبيع فتحول من وسيلة ضغط استخدمها العرب في الماضي من أجل الوصول إلى سلام عادل إلى تهمة جاهزة توجهها الخلافات السياسية والمصالح الإقليمية، فيما حققت إسرائيل من المقاطعة العربية مغانم لا تعد ولا تحصى، وبعدما كانت تستجدي التطبيع لم يعد في الكيان الغاصب من يهتم حتى بذكره.. يحصلون على كل ما يريدون فلماذا يهتمون؟! وها هو ترامب يمنحهم اعترافا ظلوا ينتظرونه 20 عاما.

من يحاول ربط موقف الإدارة الأميركية الجديد من طهران باعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل يخلط الأوراق محاباة لإيران، فأميركا تفعل ما تعتقد أنه يخدم مصالحها، ولكن القدس تبقى بالنسبة لنا أهم وأعظم من كل المصالح، وستظل الدول العربية بقياداتها وشعوبها تدافع بكل صدق وإخلاص عن القضية الفلسطينية، ولن تزيدها محاولات توظيف القرار الأميركي ضدها إلا إصرارا على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة والحفاظ على هوية زهرة المدائن الإسلامية والعربية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية