+A
A-

“الرحلة”.. ماذا يدور في عقل الارهابي الذي يضع حزام ناسف؟

عرض ضمن مسابقة المهر الطويل فى الدورة الـ14 من مهرجان دبي السينمائي الدولي، فيلم "الرحلة" للمخرج محمد الدراجي والذي كان عرضه العالمي الأول فى مهرجان تورنتو السينمائي الدولي 2017 وهو من توريع ماد سلوشنس وتدور أحداث الفيلم فى بغداد عام 2006، في رحلة مجازية لكل من "سارة" و"سلام"، لا يعرفان بعضهما، لكن حياتهما تتقاطعان فى محطّة قطارات، فهما على وشك القيام برحلتين، لكن فى اتّجاهين متعاكسين، سارة مُقدمة على تفجير نفسها بحزام ناسف داخل المحطّة، أما سلام فيسعى إلى إنقاذ نفسه ومَنْ فى المحطّة، وإنقاذ سارة أيضًا.

وفي التفاصيل تدور الاحداث في 30 من ديسمبر 2006، أول أيام عيد الأضحى تتجه فتاة تدعى “سارة” إلى محطة قطارات بغداد المركزية، تنزع غطاء الرأس، تسير بثبات وقد لفّت حول وسطها حزاما ناسفا، تعتزم تفجير نفسها داخل المحطة أثناء الاحتفال الرسمي بإعادة افتتاحها بعد أن كانت مغلقة بسبب ما تعرضت له خلال الحرب على العراق من دمار.

مسافات البلاد كانت هناك مع المخرج الدراجي الذي حكى لنا قصة الفيلم قائلا: تبدأ الرحلة في صباح اليوم الأول من عيد الأضحى، ولهذا التاريخ واليوم دلالة كبيرة في عراق اليوم. ومباشرة يدخلنا المشهد الأول الى متابعة شابة مزنرة بحزام ناسف تتسلل بين جموع المسافرين الى قاعة محطة بغداد المركزية للقطارات. تجول بناظريها بين وجوه من هم في صالة الانتظار على أمل اختيار لحظة استهداف أكبر عدد منهم عبر ضغطة من إبهامها وسط عدد من الشخصيات مثل الشاب سلام "أمير علي جبارة" الذي يعيش على النصب والتسكع وصاحب لسان سليط وبذيء. وفي السياق ذاته على أطفال من عوائل نازحة أو مهجرة يمتهنون بيع الورود الصناعية او دهان الأحذية ضمن تراتبية تعتمد على الأقوى فيهم. وفي الوقت ذاته نتابع فرقة موسيقية، أعضاءها من العاطلين لربما أسرى حرب سابقة، وتعتاش على عزف موسيقى ولى زمانها، وبالقرب منهم تجلس سيدة أنيقة يأكل قلبها الانتظار. فيما يقابلها في الطرف الآخر امرأة تصطحب ابنتها العروس وكأنها تستعد لحفل زواج خارج العاصمة بغداد. وهناك أم هاربة تحمل طفلتها وحكايتها وتتخاتل من نظرات المسافرين إليها وغيرهم” ويتابع: “تجد نفسها صاحبة الحزام الناسف في مواجهة غيرمتوقعة مع طبقات المجتمع العراقي بتنوعه الجميل، وبسلسلة مصادفات تلتقي سارا بضحاياها، وهي تنازع معتقداتها حتى تجد نفسها مدركة لهموم بعضهم والتعايش معهم والتخلي عن زناد الحزام الناسف المربوط بجسدها قبل تفجيره”.

وعن مخزى الفيلم يقول: “الفيلم عبارة عن رحلة شاملة لعراق اليوم  بكل السلبيات وفي داخل عقل  الانتحارية سارة التي تحتاج الى دراسة سايكولوجية معمقة لتلك الشخصية والفصام الذي تعيشه، بناءً وتعبيراً، وتبتعد قدر الإمكان عن التبسط والاستسهال في بلوغها”.

من اكثر ما عجبني شخصيا في الفيلم هو التصوير المتقن الاشبه بالعين او كاميرا ٣٦٠ والتي يقف وراءها مدير التصوير دريد منجم، الكاميرا كانت مميزة فب الفيلم من خلال التصوير ودخول جميع المناطق داخل القطار والمحطة، الفيلم يحمل وجوه جديدة تظهر للمرة الأولى في السينما العراقية من ضمنهم الإعلامية الشابة زهراء غندور، وأمير علي جبارة، وعارضة الأزياء إيمان اللعيبي وحنين رعد و زهراء عماد و أحمد لفتة عطية و الموسيقار علي الخصاف وفرقته.

وُلد محمد الدراجي فى بغداد عام 1978، ودرس فى أكاديمية هلغرسوم للإعلام الهولندية، وفى مدرسة نورثرن السينمائية فى ليدز، أخرج فيلمه الروائي الأول أحلام "2005" والذي حاز على أكثر من 6 جوائز، ثم اتبعه بفيلم ابن بابل "2009" الذي ساهم فى ترسيخ سمعة الدراجي عالميًا بعد عرضه فى مهرجاني ساندانس وبرلين، كما اشترك مع شقيقه عطية جبارة الدراجي فى إخراج فيلم فى أحضان أمي "2011" الذي سافر إلى أكثر من 50 مهرجانًا وفعالية سينمائية، وفاز بأكثر من 10 جوائز دولية. وحصل فى لمه تحت رمال بابل "2013" الذي حصل على 3 جوائز من مهرجانات عالمية ومؤخرا أخرج فيلم الرحلة "2017".