+A
A-

"التمييز" تنقض حكم رفض إلزام شركة بسداد 19.5 مليون دولار

قالت المحامية هدى الشاعر إن محكمة التمييز أرسَت قاعدةً قانونية تخص الشركات تحت التصفية، إذ حكمت بنقض حكم كان يقضي برفض دعوى تقدم بها أحد البنوك للمطالبة بإلزام شركة تحت التصفية أن تؤدي له تعويضًا مؤقتًا عن القروض التي قدمها للشركة دون أن تلتزم بسدادها وإرجاع قيمة القروض وفوائدها التي تجاوزت مبلغ 19.55 مليون دولار، بالرغم من أنه تم حل الشركة منذ العام 1997 وعيِّن لها مُصفٍّ.

وأوضحت وكيلة البنك -الطاعن- أن محكمة التمييز ذكرت في حيثيات حكمها أن التصفية لا تُمحي شخصية الشركة، بل تكون محلاً للتقاضي طوال فترة تصفيتها على نحوٍ يمكن معه قانونًا اختصامها أمام القضاء.

وأشارت إلى أن وقائع الدعوى تتحصل في أن البنك الطاعن -موكلها- قد أقام لائحة دعواه الابتدائية ضد الشركة الأجنبية -تحت التصفية بذلك الحين- بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ كتعويض مؤقت فضلاً عن الفائدة والمصاريف عن القروض العديدة التي قدمها البنك الطاعن للشركة المطعون ضدها دون أن تلتزم هذه الأخيرة بسداد المبالغ المستحقة للبنك وإرجاع قيمة القروض مما أضر بالبنك وعرضه للخسائر المادية والتعثُّر الاقتصادي، حيث أقرَض البنك الشركة في ثمانينات القرن الماضي مبلغًا وقدره 5.6 مليون دولار، وتوقفت عن السداد منذ عام 1986 ما ترتب عليها فوائد بلغت مع القرض 19.55 مليون دولار، وتبين للبنك أنه تم حل الشركة في عام 1997 وتم تعيين مصفٍّ لها.

وأضافت أن البنك الطاعن أدخل المصفّي -المطعون ضدّه الثاني- كمدعى عليه مُدخل؛ بطلب إلزامه بذات الطلبات، فحكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى بحالتها.

فما كان من البنك إلا أن طعن على ذلك الحكم بالاستئناف، والتي حكمت في وقت لاحق بعدم قبول الاستئناف لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمستأنف عليها الشركة وبسقوط الحق في الاستئناف بالنسبة للخصم المدخل (المصفّي).

وقررت الشاعر أنها دفعت أمام محكمة التمييز بالخطأ في تطبيق القانون وبالفساد في الاستدلال وهو ما قبلت به محكمة التمييز، إذ جاء في حيثيات حكم محكمة التمييز أن الحكم المطعون فيه، والقاضي بعدم قبول الاستئناف لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للشركة المستأنف عليها وبسقوط الحق في الاستئناف بالنسبة للمصفي لرفعه بعد الميعاد المقرر، معيبٌ بما يستوجب نقضه.

وأفادت محكمة التمييز إن هذا النعي في محله؛ وذلك أنه وإن كان للشركة كشخص معنوي شخصية قانونية اعتبارية تؤهلها للتعامل مع الغير فتصبح دائنة أو مدينة في حدود الغرض الذي أسست من أجله فإنه يأبى عليها بطبيعتها ممارسة معاملاتها بذاتها، مما يقتضي أن يقوم بتمثيلها في ذلك شخص طبيعي هو في أحوالها العادية من يعين لإدارتها فيصبح جزءًا من كيانها باعتباره عقلها المفكّر المعبّر عن إرادتها يتولى تصريف شؤونها باسمها، فتُنسب إليها أعماله وتنصرف إليها مباشرة آثار تصرفاته.

وتابعت، فإذا انحلت الشركة وصارت في طور التصفية لا تنمحي شخصيتها بل تبقى طوال فترة تصفيتها بالقدر اللازم لتمامها وتنتهي سلطة المدير ويختفي من حياتها الباقية ويحل محله في تمثيلها من يعين مصفيًا لها، فلا يعتبر الممثل القانوني للشركة سواءً كان المدير أو المصفي شخصًا آخر غيرها فيصح لها التقاضي كما يصح مقاضاتها باسمها التجاري الذي تظل محتفظةً به، ولا يؤثر في ذلك إغفال اسم ممثلها أو ذكره باسم خاطئ، فهي صاحبة المصلحة التي يتحقق بها توافر صفتها في الدعوى، ولا يعتبر إدخال ممثلها في الخصومة المدير أو المصفي الذي أغفل ذكره في لائحة الدعوى أو الطعن أو تصحيح اسمه المذكور فيها خطئًا اختصامًا لشخص آخر لم يكن مختصمًا من قبل استكمالاً لشكل الدعوى أو الطعن أو تصحيحًا له، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الاستئناف لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للشركة المطعون ضدها الأولى وسقوط الحق في الاستئناف بالنسبة للمصفي يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيتعين نقضه مع الإحالة، وإلزام الشركة المطعون ضدها مصاريف الطعن.

فلهذه الأسباب حكمت محكمة التمييز بقبول الطعن التمييزي شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون مع إحالة القضية إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد.