العدد 3350
السبت 16 ديسمبر 2017
banner
أمة لن تموت
السبت 16 ديسمبر 2017

عندما أقدمت العصابات الصهيوينة على جريمتها البشعة بحرق المسجد الأقصى في عام 1969م قالت جولدا مائير: لم أنم ليلتها كنت أظنّ أنّ العرب سيهبون كرجل واحد ويدخلون إسرائيل أفواجا من كل صوب للثأر لما يشكله المسجد في ذاكرتهم وعقيدتهم من مكانة مقدسة لكن عندما طلع الفجر ولم يحدث شيء أدركت حينها أنّ باستطاعتنا فعل ما نشاء فالعرب أمة نائمة.

تداعت إلى الذاكرة هذه الحادثة بعد مضي ما يزيد على نصف قرن ولكن المؤسف أنّ الواقع العربيّ لم يتغير قيد أنملة، فالذي كان يجب على الأمة العربية بعد اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل أن توحد جهودها وإمكانياتها وتنسى خلافاتها لكن الذي حصل عكس كل التوقعات تماما، لقد تحول البعض ممن ينتمون للعروبة إلى كائنات متوحشة تعض بعضها بلا رحمة، ولم تبق في قاموس الشتائم مفردات إلاّ استخدمت في هذه الحرب، شهدنا بكل أسف أن وسائل التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر وغيرها وقد أصبحت ساحة حقيقية لحرب العرب المقدسة، فالتخوين والشتائم تقذف بحق إخوة الدم ببساطة وكل فريق يلقي اللائمة على الآخر في ضياع القضية، أما إسرائيل فإنها تقف تتفرج على هذه المسرحية الهزلية التي ربما لم تتوقعها في يوم من الأيام.

الواقع يصدمنا بأننا لم نعد خير أمة أخرجت للناس، لأننا لم نأخذ بالأسباب المحققة لهذه الغاية وأهمها تحمل المسؤولية بشجاعة، اكتفينا بأن نعلق هزائمنا على الآخر والمعنى هنا هو الاستعمار، هذا الداء الذي ينخر في جسد الأمة أصبحنا نرثه وينتقل من جيل لآخر وكأنه قدر محتم لا فكاك منه. إنه تعبير بالغ الدلالة عن مدى ما بلغناه من تشرذم، وكم قال الشاعر العربيّ القديم: من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلامُ.

كانت جماهير الأمة تنتظر أن تخرج ردود الفعل بعيدة عن لغة التخوين ومفردات الشتائم، لأننا إزاء مفصل في تاريخنا نقرر على ضوئه أننا أمة بحجم التحديات وكنا نأمل أن تكون المطالبات بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصيوني، ولكن ما جرى خلاف كل التوقعات، وهذا بلا شك يبعث على الأسى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية