العدد 3354
الأربعاء 20 ديسمبر 2017
banner
الثورة السورية التي انتصرت (1)
الأربعاء 20 ديسمبر 2017

سبع سنوات من عمر الثورة السورية، حيث لا تزال الحقائق تدار بطريقة الحاقد المنتصر أو المنهزم المظلوم، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن القدس عاصمة لدولة إسرائيل، نجد هذه النسخة تتكرر في معارك السوريين اللفظية، هناك بعض الحقائق، تغيب أو تغيب في هذه المعارك الصوتية، في الحسابات السياسية، وأيا كانت اللغة المستخدمة من أجلها، من أجل تسويقها، ما يؤخذ بعين الاعتبار، بشكل أساسي موازين القوى، لكل حركة سياسية أو نقلة سياسية كالتي فعلها ترامب مثلا، حتى عندما قيل إن السياسة فن الممكن، إنما تستند هذه المقولة الأكثر شيوعا في تعريف السياسة، على أن الممكن هو المستند والمستمد من ميزان القوى، حيث إن الميكافيلية، لا تعترف في مفاهيم الحق بإنتاج السياسة، إنما تستند على خبرة في العمل والممارسة المستندة لميزان قوى فعلي على الأرض.

السياسة جعل غير الممكن ممكنا، “إن مواجهة ما يبدو في لحظة تاريخية مستحيلا هو الذي يجعل الممكن واقعًا”، هنالك من يقول أيضا إن السياسة “فن إدارة الصراع”، والأهم “فن التقدير الصحيح للموقف وموازين القوى”، مهما حاولنا الحديث والتفنن أيضا في إيجاد تعريف للسياسة، سنجدها مستندة إلى ميزان القوى وقراءته وكيفية التعامل معه، هنا يأتي دور الحق في الصراعات الكبرى خصوصا، بدون الحق في أي صراع نصير في شريعة غاب، الغلبة للأقوى، ترامب في قراره يستند على ميزان قوى كاسح، هكذا علينا فهم الأمر، الثورة السورية أيضا، ليست خارج هذا الفهم. منذ فترة يردد بعض من المجتمع الدولي، بعض ممن يحسبون على المعارضة السورية، أن الثورة السورية هزمت وانتصر الأسد، من جهة أخرى هناك ناطقون باسم مؤسسات الثورة، يذيلون تواقيعهم في جنيف، بمقولة الواقعية السياسية، هذه الآراء ومنها ما أكتبه هنا يعبر عن انحياز سياسي ما، لكن أي انحياز يدير ظهره للحقيقة، هو انحياز أعمى للجريمة. الموضوعية التي يتشدقون بها، فقط من أجل تسويق الأسد كمنتصر، لن تخفي مواقفهم منذ بدء الثورة وحتى اللحظة، الثورة التي لم يهزمها الأسد، بل هي من هزمته، هي التي انتصرت، لو لم تنتصر هذه الثورة، لرأينا قوات الأسد المسيطرة عسكريا، لرأينا الأسد متحكما سياسيا بالبلد.
تحول الأسد إلى خادم صغير للدول التي احتلت سوريا، روسيا، إيران وتركيا وأميركا وبعض دول التحالف، إسرائيل طيرانها بات جزءا من السماء السورية، الثورة السورية هزمت النظام سلميا، بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، لكن ما حدث بعد عام 2011 كان احتلالا للثورة السورية، احتلالا لسوريا بكاملها، فقد تم تثبيت هذا الاحتلال فيما سمي بمسار فيينا بين التحالف الغربي وبين روسيا وإيران، حيث أضحت مرجعية سوريا مع القرار الأممي 2254 دولية بالكامل، لم يعد الأسد ولا حتى المعارضة جزءا من هذه المرجعية... طرفان تقنيان، أدوات لهذه الحمولة الدولية. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .