العدد 3354
الأربعاء 20 ديسمبر 2017
banner
خيارات الرد على قرار ترامب (1)
الأربعاء 20 ديسمبر 2017

تابعت بدقة شديدة ما صدر عن الفعاليات والمؤتمرات، البرلمانية والرسمية، والثنائية والجماعية، التي عقدتها الأطراف العربية والإسلامية منذ صدور قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القدس، ولاحظت أن محور التركيز والاهتمام الأكبر انصب على الرفض والشجب والإدانة والاستنكار، مع اختلاف النبرة والحدة بين هذا البيان وذاك. لاحظت أيضاً أن بعض الفعاليات العربية اتجهت إلى ما يوصف بسحب الرعاية الأميركية لعملية السلام، فيما اكتفى آخرون بحث أطراف أخرى على أن تحل محل الولايات المتحدة في عملية السلام، بينما كررت غالبية البيانات المضامين والمحتوى ذاته.

ثمة إشكالية أخرى تضيف مزيدا من التعقيد على الموقف العربي في التعاطي مع الأزمة، وتتعلق بموقف الشعوب التي تقع تحت ضغوط أمنية ومعيشية تأثرت بسببها ردة الفعل حيال مصير القدس، ناهيك عن أن هناك ظروفا أمنية في بعض الدول تحول دون السماح للشارع بالتظاهر خشية اندساس عناصر إرهابية وغير ذلك. هذا الانكشاف الاستراتيجي يؤكد انحسار البدائل الاستراتيجية العربية في التعاطي مع الأزمة الراهنة بشأن وضعية القدس، وأنا هنا لا أنشر الوهن ولا أضعف العزائم والهمم، ولكنني أتحدث بواقعية بعد ما أدلى كل بدلوه كما يقولون. ماذا نحن فاعلون إذاً؟ الواقع يقول إن هناك أزمة حقيقية في البدائل الاستراتيجية العربية المتاحة للتعاطي مع الأزمة، ولكن الموضوعية تقتضي أيضاً القول إن هذه الأزمة ليست جديدة، وليست عابرة أيضاً، ولكنها الأشد صعوبة مقارنة بما سبق.

هناك تساؤلات تطرح على خلفية هذا المشهد، وفي مقدمتها موقف دول مثل إيران التي لا تكف عن انتقاد وتجريح الدول العربية بسبب ما يصفه الملالي بالموقف “المتخاذل” حيال القدس، ولكن من دون أن يقدم أصحاب “فيلق القدس” الشهير أية بادرة عن رغبتهم في الدفاع عن هوية المدينة المقدسة، ولو حتى إطلاق رصاصة واحدة لإبراء الذمة! الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرفع سقف السباب والاتهامات لإسرائيل من دون إجراء فعلي واحد ضد تل أبيب!

هذا المشهد السريالي في التعامل مع أزمة قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يترجم واقع العرب والمسلمين، ولا ألوم هنا أحدا أو أتهم هذا الطرف أو ذاك بالمسؤولية عن القرار، لكن أتهم أطرافا بعينها عن المسؤولية في تعميق جراح الأمة الإسلامية وإضعاف قدراتها الشاملة، ولو على الصعيد السياسي، من خلال إشعال الحرائق وصرف الأنظار ورسم الخطط التوسعية التي لا تستهدف سوى التهام مزيد من العواصم العربية والإسلامية والسيطرة على ثروات الشعوب ومكتسباتها. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .