العدد 3363
الجمعة 29 ديسمبر 2017
banner
“الفيتو” الأميركي... حسابات الربح والخسارة (1)
الجمعة 29 ديسمبر 2017

يخطئ من يظن أن استخدام نيكي هايلي المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة حق النقض “فيتو” ضد مشروع القرار الذي تقدمت به مصر في مجلس الأمن الدولي بشأن القدس، يمثل خسارة فلسطينية عربية إسلامية. الفيتو الأميركي كان متوقعاً بنسبة تفوق التسعين بالمئة لأسباب واعتبارات واضحة أولها أن من الصعب الموافقة على القرار أو الامتناع عن التصويت عليه لأنه ينسف بل يدين قرار الرئيس ترامب بشأن الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، وثانيها أن نيكي هايلي ذاتها وعدت بشكل قاطع خلال شهر ديسمبر الماضي بأن عهد صدور قرارات ضد مصلحة إسرائيل في مجلس الأمن الدولي “ولى وانتهى”! بل إن هايلي تتخذ موقفاً متشدداً حيال الأمم المتحدة وتصفها بالعداء لإسرائيل، لذا كان بديهياً أن تلجأ المندوبة الأميركية لاستخدام الفيتو رقم “43” تحقيقاً لمصلحة إسرائيل، التي بادرت بشكر هايلي بالاسم على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. “رب ضارة نافعة” بالفعل، فالفيتو الأميركي ربما يعني ضياع الأثر القانوني لمشروع القرار، ولكن الأثر السياسي اكتسب قوة مضاعفة، لأنه أوضح للعالم أجمع حجم الاصطفاف الدولي الداعم للوضعية السياسية والقانونية والتاريخية لمدينة القدس، كما مهد فعلياً لنقل مشروع القرار مباشرة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل تمريره تحت بند “الاتحاد من أجل السلام” ليصبح قراراً بأثر قانوني ذات فاعلية لا تقل عن قرارات مجلس الأمن الدولي.

اللافت أن هايلي اعتبرت أن تصويت مجلس الأمن الدولي بالإجماع، عدا صوت الولايات المتحدة، “إهانة لن ننساها أبداً” حسب ما قالت، مبررة ذلك بأن القرار يضر بعملية السلام! وكأن عملية السلام كانت تمضي بخير حتى جاء مشروع القرار وعرقلها!

تذكرت هايلي جيداً مصلحة إسرائيل وتناست إرادة 14 دولة أعضاء مجلس الأمن، بما فيها الدول الأربع دائمة العضوية، رغم أن موقف الولايات المتحدة يزعزع ثقة العالم أجمع في الشرعية الدولية ويفاقم أزمة الثقة القائمة في فاعلية منظومة الأمن الجماعي الدولي ممثلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية