+A
A-

انتخابات العراق.. مهمة العبادي الصعبة وحزب الدعوة ينسحب

 

لم تمر على إعلان تأسيس تحالف يوصف بالـ"قوي" بزعامة رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة ساعات، حتى أعلن عن انهياره لأسباب ليست واضحة المعالم حتى الآن.

يأتي هذا في حين أن حزب الدعوة، الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، أعلن أنه ينسحب من الانتخابات كحزب سياسي في ضوء الخلافات الداخلية التي يشهدها الحزب.

عندما أعلن العبادي عن تأسيس تحالف كبير يوم الأحد 14 كانون الثاني/يناير، اعتقد الكثيرون أنه سوف يكون المنتصر الحتمي في الانتخابات البرلمانية القادمة كاسمه "تحالف نصر العراق".

ووفق المصادر، جاءت التسمية باقتراح من العبادي حيث يشير إلى الانتصار على داعش في فترة حكمه، بعد أن احتل التنظيم مساحات واسعة من العراق في ولاية منافسه نوري المالكي. وكان التحالف يضم قائمة العبادي والمجلس الأعلى الإسلامي والحشد الشعبي، وهو تحالف ذو شعبية كبيرة في الشارع الشيعي، أي كان يعتبر أقوى تحالف شيعي وتركيبته تنال رضا إيران الداعمة للحشد الشعبي وقوى عراقية أخرى.

ولكن بعد يوم من إعلانه، انسحبت 9 كيانات منه، بينها 8 من الحشد الشعبي، إلى جانب المجلس الأعلى الإسلامي.

وتقول بعض المصادر إن سبب هذا الانهیار دخول تیار الحکمة بزعامة عمار الحكيم إلى التحالف، حيث أعلن التيار مساء الأحد "عن تشكيل تحالف ثلاثي يضم إلى جانبه قائمة رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، وقوى الحشد الشعبي، لخوض الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في مايو المقبل".

وإن صحت هذه الأقاويل فهي تعني أن الخلافات التي أدت إلى انشقاق عمار الحكيم عن المجلس الأعلى وانشقاق منظمة بدر عن المجلس الأعلى أيام زعامة الحكيم في المجلس، ما زالت قائمة.

وبهذا الانهيار یواجه العبادي مهمة صعبة جداً لأن دخوله للانتخابات بقائمة مستقلة دون تحالف مع قوى أخرى يضع منصبه في مهب الریح ويفتح المجال أمام خصمه نوري المالكي.

محاربة الفساد والخلافات داخل بيت الدعوة

ومنذ أن تولى نوري المالكي رئاسة الحكومة في العراق عام 2006، كان يعتبر حزب الدعوة الحزب الحاكم في العراق نوعاً ما، وحتى خروج وزير الخارجية العراقي الحالي، إبراهيم الجعفري من الحزب وإعلانه تأسيس "تيار الإصلاح الوطني" عام 2008، لم يؤثر على تماسك الحزب.

لكن صيف عام 2014 كانت فترة فاصلة في تاريخ الحزب، إذ بعد انهيار الجيش العراقي أمام تنظيم داعشوسيطرته على مساحات واسعة شمال العراق، زادت الضغوط على نوري المالكي لاستقالته من رئاسة الحكومة. قاوم المالكي هذه الضغوط في البداية وامتنع عن الاستقالة حتى انتقلت الضغوط داخل حزب الدعوة نفسه، ولم يجد المالكي طريقاً غير التنحي. وفي النهاية وبتصويت من البرلمان، استلم حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية في وقت عصيب وعرَّف نهجه لإدارة البلاد بشعارين: "محاربة الإرهاب ومكافحة الفساد".

العبادي وفي خطاباته، أكد مراراً أن "الفساد" كان العامل الأعم لتمدد "داعش" داخل العراق، وبعد إنهاء المعركة ضد التنظيم يوم 21 كانون الأول/ديسمبر 2017، أعلن العبادي أن المرحلة القادمة سوف تكون مرحلة "الحرب على الفساد".

من المؤكد أن "الحرب على الفساد" مهمة بالغة الصعوبة في العراق، لأنه وبناء على تقارير دولية، فإن الفساد مستشر في جميع مفاصل الدولة. الشعار جميل وله تأثيره في الانتخابات إلا أن العمل به يعتبر من المهمات شبه المستحيلة في العراق، خاصة إن كان العبادي يستهدف مسؤولين وتيارات لهم صلة بالمالكي الذي هو الآن أحد نواب رئيس الجمهورية، وله نفوذ كبير في العراق، وفق اعتقاد الكثيرين.

حزب الدعوة ينسحب والمالكي يتزعم "دولة القانون"

هذه الخلافات جعلت حزب الدعوة ينسحب من المعركة الانتخابية كحزب سياسي، تاركاً المجال أمام العبادي والمالكي خوض الانتخابات بقوائمهم المتنافسة.

وأكد حزب الدعوة في بيان مساء السبت 13 كانون الثاني/يناير: "سيعمل الحزب على تحشيد طاقاته في دعم المخلصين والقوائم الوطنية، تاركاً لأعضائه وأنصاره حرية الاختيار في الترشيح والانتخاب والتصويت في القوائم والائتلافات السياسية المسجلة"، لافتاً إلى أن "الحزب لا يرى ضرورة لنزوله باسمه في الانتخابات القادمة لعام 2018".

وأصدر مكتب الأمين العام لحزب الدعوة، نوري المالكي، بياناً جاء فيه: "لأعضاء الحزب بمختلف مستوياتهم التنظيمية والقيادية الحرية الكاملة في المشاركة في الانتخابات ورئاسة أي من القوائم الانتخابية بعناوينهم الشخصية، وليست الحزبية، والترشيح في أي قائمة أو ائتلاف آخر".
وأعلن مدير المكتب الإعلامي للمالكي أن الأخير سوف يترأس "ائتلاف دولة القانون" في الانتخابات القادمة.

ولم يفصح مدير المكتب عن الكتل التي ستنضم إلى ائتلاف "دولة القانون" لكنه أكد أن الائتلاف سيشهد "زيادة في عدد الكتل المنضمة إليه".

ومن المؤكد أن العبادي والمالكي سيسعيان لضم تيارات وكتل أخرى إلى تياراتهم، وبما سوف تكون خطوة العبادي القادمة ترميم ائتلافه المنهار. وهناك بعض التقارير تقول إن عين المالكي على الأكراد الذين فقدوا أراض كانوا يسيطروا عليها قبل استفتاء الاستقلال يوم 25 أيلول/سبتمبر 2017 حيث يعتبرون أن العبادي انتزعها منهم.