+A
A-

عناية الدولة بجودة الخدمات الصحية يعكس الاهتمام بصحة المواطن

من بين أهم المؤشرات الكمية الدالة على العناية الخاصة التي توليها البحرين للقطاع الصحي: زيادة المخصصات المالية لوزارة الصحة، والتي ارتفعت من 76 مليون دينار عام 2000 إلى أكثر من 300 مليون دينار حاليا، وارتفاع عدد المراكز الصحية إلى 28 مركزا موزعة على كافة المحافظات، بالإضافة إلى مجمع السلمانية الطبي و9 مستشفيات حكومية.

ويكشف هذا المستوى المضطرد للدعم المقدم للقطاع الصحي عن حقيقة مؤكدة، وهي تطوره اللافت الذي لا يرتكز على المؤشر الكمي فحسب، وإنما على مستوى الكيف أيضا، حيث تتميز هذه الخدمات بالجودة الفائقة، وتعد من أرقاها إقليميا، ومعتمدة عالميا، وتضمن حصول المريض على العلاج اللازم بالسرعة والكفاءة المطلوبة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع متوسط العمر لدى المواطن بما يربو على 78 عاما.

ويأتي تطوير الخدمات الصحية في مملكة البحرين وفقا للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه حيث تبنت الحكومة الموقرة استراتيجية صحية متكاملة تهدف إلى: التركيز على تطوير هذه الخدمات، وتوفير احتياجات المواطن من العلاج وفق أحدث ما توصل إليه الطب والعلم الحديث، وتعزيز القدرات الذاتية لدى الفرد للعناية بصحته وتغيير سلوكياته غير الصحية، إضافة إلى السيطرة على الأمراض بشتى أنواعها، وتحقيق الجودة في الأداء الطبي عبر وضع القوانين واللوائح التي تضمن الارتقاء بخدمات التمريض والصحة.

وقد ضمنت هذه الاستراتيجية المنفذة في القطاع الصحي تحقيق قفزة نوعية كبيرة في الأداء والفاعلية، وبما يتناسب مع أحدث وأهم التطورات التقنية المتقدمة، مع توفير أفضل الأجهزة والتكنولوجيات الحديثة، حيث يشار للعديد من المزايا التي يحظى بها المواطنون عند تلقيهم خدمات الرعاية الصحية، ومنها: إتاحتها للجميع وبأسعار شبه مجانية، الوصول إليها بيسر، وتوزيعها بالتساوي العادل بين السكان.

وبالإضافة إلى كفالة الدولة لهذه الخدمات المتميزة، فإن المملكة لم تدخر جهدا في توفير البنية الأساسية الحديثة لها بدليل تعدد وتنوع مؤسسات تقديمها من مستشفيات ومراكز وعيادات صحية وغير ذلك، فضلا عن مستوى خبرة وتأهيل العنصر البشري العامل من أطباء وتمريض، ووضع خطط قصيرة وطويلة الأمد لمواجهة الأمراض، ووضع سياسية دوائية تراعى احتياجات المواطن في توفير الدواء المناسب مجانا.

ونظرا لتكامل الخدمات الصحية الحكومية، والجودة في مستواها، واستدامتها طوال السنوات الماضية وحتى الآن، فقد زادت مؤشرات الاعتماد على القطاع الصحي الحكومي، ما كفل لهذا القطاع الحيوي الهام من النمو بوتيرة متسارعة، حيث بلغ عدد الزيارات لعيادات المراكز الصحية لسنة 2017 وحدها ما يعادل 3,604,132 زيارة ما بين العيادات العامة والتخصصية، وتشمل عيادات السكر، الإقلاع عن التدخين، الصحة النفسية، والجنسية، فقر الدم المنجلي، التغذية، الكشف المبكر، الأمراض المزمنة.

أما عيادات صحة الفم والأسنان فقد بلغ مجموع الزيارات لها في نفس العام المذكور: 259,493، وعدد الزيارات لخدمات رعاية الأمومة والطفولة: 344,186، وعدد الزيارات لقسم الأشعة: 265,175، ولقسم العلاج الطبيعي 211,683، ولقسم البحث الاجتماعي 85,02 زيارة، الأمر الذي يجسد حقيقة الاهتمام بمستوى أداء المؤسسات الصحية، ونجاح استراتيجية دعمها، سيما على صعيد تحسين استخدام الموارد المالية وإدارة التكاليف.

وتعمل مملكة البحرين من خلال وزارة الصحة على تنفيذ العديد من الاستراتيجيات التي من شأنها الارتقاء بالخدمات الصحية في البلاد، حيث تركز البحرين على البرامج الصحية الوقائية، وتعزيز الصحة والعوامل المؤدية إلى الوفاة لتقليل نسبة الأمراض المزمنة غير المعدية والأمراض الأخرى المعدية، والمتابعة مع الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية بهدف رفع جودة الخدمات ومراقبة استمراريتها في القطاعين الحكومي والخاص.

وبالرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجه دول المنطقة ككل، تعمل الحكومة الموقرة وعبر وزارة الصحة على زيادة عدد المراكز الصحية متكاملة التجهيز، ويشار في هذا الصدد إلى إعلان وزارة الصحة في سبتمبر 2011 خطة إنشاء المراكز الصحية حتى عام 2022، وتتضمن إنشاء 17 مركزا جديدا بهدف توفير مركز صحي لكل 20 ألفا من السكان بحلول عام 2030 منتشرة على مساحة مملكة البحرين الجغرافية.

يشار هنا إلى أن قطاع الرعاية الصحية الأولية يعد مدعاة للفخر والاعتزاز بالمملكة، وتتحدث الأرقام المذكورة عن ذلك، حيث تعد المراكز الصحية التابعة للرعاية الأولية بمثابة نقاط تماس بين جميع فئات المواطنين والخدمات الصحية الرفيعة المستوى، خاصة أنها توفر العديد من الخدمات الوقائية والعلاجية عن طريق عياداتها المعززة بطاقم طبي مؤهل وذي كفاءة عالية ومسلح بأحدث التقنيات المتطورة.

والمعروف أن مظلة خدمات المراكز الصحية تمتد وتشمل العديد من القطاعات السكانية، كما تقدم العديد من الخدمات الوقائية والعلاجية، منها: رعاية الحوامل، فحص ما بعد الولادة، تنظيم الأسرة، الفحص الدوري للنساء، فحص ما قبل الزواج، فحص الأطفال، التطعيمات، الزيارات المنزلية، والتثقيف الصحي، طب الأسنان التي يقوم بتنفيذها فريق متكامل من أطباء وفنيو صحة الفم.

وتدعم جميع المراكز بخدمات مساندة مثل خدمات التمريض، السجلات الصحية، الصيدلة، المختبر، الأشعة، وخدمات العلاج الطبيعي التي تقدم حالياً في 4 مراكز صحية موزعة حسب المناطق الصحية، لذلك ليس بمستغرب أن تحظى هذه المراكز بتقدير حكومي وشعبي كبير لنجاحها في إجراءاتها الوقائية والاحترازية للحد من مسببات العدوى بالمستشفيات، ومكافحة العدوى المصاحبة للمنشآت الصحية في القطاع الصحي العام والخاص، والتي أسهمت في خفض معدلات الإصابة بالبكتيريا العنقودية الذهبية المقاومة إلى معدلات مقاربة إلى المعدلات العالمية الموصي بها، وأيضاً مقاربة للمعدلات المماثلة في الدول المتقدمة.

كما يبرز إعلان الوزارة عام 2012 عن افتتاح 10 عيادات مركزية متخصصة لعلاج مرضى الأمراض غير المعدية، وافتتاح 5 عيادات للصحة النفسية، وتدشين المجلس الأعلى للصحة الخطة الوطنية 2016 ـ 2025، التي تهدف إلى تعزيز التكامل الصحي وشموليته، ورفع مستوى جودة وسلامة خدمات الرعاية الصحية، وضمان تمويلها واستدامتها وتوفير الموارد اللازمة وضمان حوكمتها بما يحقق برنامج عمل الحكومة وما جاء في الرؤية الاقتصادية 2030.

وترتكز الخطة الاستراتيجية الوطنية الجديدة للصحة على 7محاور، هي: خلق نظام صحي يتسم بالكفاءة والاستدامة يعطي الحرية للمريض في اختيار مقدم الخدمة الصحية له، واعتماد منهج الرعاية الصحية المتكاملة والمستدامة، ورفع مستوى جودة وسلامة خدمات الرعاية الصحية وضمان استمراريتها، وضبط أوجه الإنفاق على الخدمات الصحية وطرق تمويلها، واستقطاب الكوادر الطبية المؤهلة، وتشغيل نظم فعالة وقوية للمعلومات الصحية والصحة الإلكترونية، وتفعيل الحوكمة بشكل يحدد الأدوار القيادية للمؤسسات الصحية الحكومية.

إن هذه الجهود الضخمة التي بذلتها الحكومة لدعم القطاع الصحي نالت التقدير المحلي والإقليمي والدولي، فإضافة إلى أن المملكة من الدول الرائدات في مستويات الرعاية الصحية بحسب منظمة الصحة العالمية وتقارير التنمية البشرية التي يصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإنها تبنت وأقرت مبادئ إعلان "ألمآتا" للرعاية الصحية الأولية، التي وضعتها في مكانة متقدمة تضارع بها كبريات الدول المتقدمة.

كما نالت مملكة البحرين العديد من الجوائز الدولية والإقليمية في هذا المجال من أحدثها جائزة التميز للإنجازات الحكومية العربية 2017، يوم 11 سبتمبر الماضي، حيث جاء اختيار وزارة الصحة البحرينية كإحدى المؤسسات المقدمة لخدمات حكومية مميزة تسهيلا على المواطنين.

كما أن ما أنجزته المملكة في المجال الصحي جعلها مشاركا رئيسيا في إدارة برنامج منظمة الصحة العالمية، حيث تم انتخابها في مايو 2016 عضوا في المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية ونائبا لرئيس المجلس التنفيذي، وعضوا في لجنة البرنامج والميزانية والإدارة للمجلس التنفيذي، للفترة من 2016 ـ 2019.